د. محمد مرعي مرعي
لقد خرّب نظام عائلة الأسد وأدواته الإجرامية ( أجهزة الأمن والجيش وحزب البعث وتوابعه ) بنى الدولة السورية ودمّر كل مرتكزاتها وعناصرها الاقتصادية والإدارية والتعليمية والثقافية والقضائية والجيش الوطني والأمن العام وغير ذلك ، وانعكس الوضع التخريبي بالتالي على مكونات المجتمع السوري ( الشعب بفئاته المتنوعة وأجياله القادمة ) حتى أصبحت سوريا الوطن التاريخي الحضاري قبل عام 2011 هيكلا كرتونيا تسقطه أي حركة أو هزة خفيفة .
لقد ركّز ذلك النظام الاجرامي المدمّر على إفساد التعليم منذ بداية استيلائه على السلطة وأفسد كافه عناصره كالجسم التعليمي والإداري والمناهج والأدوات التعليمية حتى غدت منظومة التعليم لا دور لها سوى تمجيد القائد وأسرته وحزب البعث كغطاء شكلي وتاريخهم الأسود. وتبع ذلك بإفساد الجهاز القضائي(صمام أمان العدالة الوطنية والمجتمعية في الدول المتحضرة) عبر توظيف القضاة بالرشوة الكبيرة وفرض تعيينات الادارات القضائية من قبل أجهزة الأمن وتوابعها بغية إفساد الاحكام القضائية وإجراءاتها وجعل الظلم عنوانا للسلطة الحاكمة .
وتلا ذلك التدمير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي وغير ذلك ، وتحقق ما أسس له حافظ الأسد : سوريا الوطن مختصرة في عائلة الأسد والعائلة بشخص الرئيس .
هذا التخريب المتعمّد طال كل شيء في سوريا ، عدا روح الثورة الكامنة التي كانت تنتظر الفرصة المناسبة ، وتلك الروح المشبعة بأخلاقيات وقيم الثورات تتضمن الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والحقوق والواجبات وأمثالها من القيم ، عجزت سلطة الاجرام رغم كل الجهود التي بذلتها عن تخريبها وقتلها .
لكن ، جاء من أدى ذلك الدور بإتقان بالنيابة عن نظام الجريمة بعد اندلاع ثورة الشعب، وها هو الائتلاف وملحقاته الفاسدة الذي شرع منذ بداية تشكيله في غياب عن إرادة الشعب الثائر بتخريب قيم الثورة الشعبية بهدف قتل روحها ، إذ بدأ بإفساد الضمير الانساني لدى قيادات الثورة حين عزل وهمّش أصحاب الضمائر والوجدان الوطني والإنساني ، و عيّن بدلاء عنهم ممن لا يمتلكون أي ضمير أو أخلاق ثورية وذلك باستخدام المال القذر الذي قدّم للائتلاف وملحقاته كمساعدات لبقاء الشعب السوري المهجر والمنكوب على قيد الحياة . استخدم ذلك الائتلاف وملحقاته ذلك المال لشراء ضمائر وذمم الرخيصين من قادة الثورة ، وتم بث الفرقة وزرع الخلافات بين قادة الثورة مما ولد الشرذمة والتفتيت والخسائر العسكرية ، واختار ذلك الائتلاف وملحقاته شخصيات امعات من قارعة الطريق ومن زعران السوريين وتمت ترقيتهم لأدوار زعماء ثوريين في الإدارات التابعة للإتلاف والحكومة المؤقتة ووحدة تنسيق الدعم وهيئات التربية والتعليم وما يسمى سفارات وتوابعهما ، وتم منح كل من هؤلاء المرتزقة راتبا بعدة آلاف الدولارات شهريا يزيد 20 ضعفا عن راتب أكبر قائد تشكيل عسكري مقاتل في الداخل ، وهؤلاء لا يمتلكون أدنى مستويات ( التأهيل العلمي أو العسكري أو المهني أو الاخلاقي ) ،الأمر الذي خلق حالات فساد تام في الممارسات والسلوكيات والأفعال ، كما يعيش هؤلاء المرتزقة حالة بطر الحياة في مساكن فارهة ويأكلون في مطاعم وفنادق فاخرة ونسائهم وأبنائهم يقضون نهارهم ولياليهم في أسواق الماركات العالمية في حين يقتات ثوار الداخل على فتات الخبز ويعيشون في خيام تعصف بها الرياح ليلا نهارا . فعلا ، لقد خرّب الائتلاف وملحقاته قيم القدوة الثورية والنماذج المثالية للثورة التي تمثّل نبراسا للثوار في النبل والشهامة والصدق والعيش الثوري اليومي والتي يتم الاقتداء بها عادة خلال حصول الثورات الشعبية.
هذا الانجاز الإفسادي التخريبي الهائل للائتلاف وملحقاته لقيم الثورة ولّد انقطاعا شاملا بين ثوار الداخل ونشطائه والحاضنة الثورية الداخلية وبين من سمّوا أنفسهم شخصيات إدارة ثورة الشعب في الخارج ، وانتهت كافة الصلات فيما بينهما وكأنهما في عالمين متناقضين كليا .
وتجلّى التخريب في قيم ثورة الشعب معكوسا في النجاحات العسكرية الباهرة في المنطقة الجنوبية والفوطتين اللتين لم تصلهما أيادي التخريب في بنى قيم الثورة وأخلاقياتها ، ومجددا في ريف محافظة ادلب بعد إزالة أزلام الائتلاف وملحقاته الفاسدين وتحققت النجاحات الرائعة بتحرير معسكري وادي الضيف والحامدية، بينما تم تسليم المناطق المحررة سابقا من أزلام الائتلاف وملحقاته الفاسدين إلى السلطة الاجرامية وإلى داعش دون قتال لقاء عدة آلاف من الدولارات صبّت في جيوب شخصيات النذالة والخيانة المحسوبة على ثورة شعب سوريا .
هكذا ، نفذ بإتقان ما يسمى الائتلاف وملحقاته الفاسدة جراء ممارسات وأفعال وسلوكيات الفساد الممنهجة ما عجزت عنه سلطة الجريمة والتدمير لنظام عائلة الأسد ، من تخريب لقيم ثورة الشعب السوري ، تلك القيم التي كانت محرّكا ديناميا في اشعال الثورة العارمة لتحقيق الحريات وكسب الحقوق المفقودة والكرامة والعدالة والمساواة والواجبات بل كل مرتكزات بناء الوطن والمواطنة الصالحة . لكن ثورة الشعب السوري مستمرة وستوّلد ذاتيا قيمها النبيلة التي ستقضي على سلطة الجريمة وعلى الائتلاف وملحقاته الفاسدة بآن معا