تقف ميساء عند حاجز لقوات النظام في مدينة صوران بريف حماه برفقة طفلتها المريضة فاطمة، تنتظر بقلق شديد وتوتر مخيف لما سمعته عن سوء المعاملة على هذه الحواجز ولكنها مُجبرة على القدوم بسبب وضع ابنتها الصحي.
تسرد ميساء “المرأة الثلاثينية” قصتها في رحلة علاج ابنتها فاطمة من المرض الخبيث “السرطان” وما عانته في الذهاب والإياب إلى مدينة حماة.
نظرت ميساء بعينيها البنيتين حيث الأفق ثم تنهدت بحزن ونطقت بعض الكلمات” انجبرت إني روح ع حماة مشان عالج بنتي من هالمرض بعد ماتأخرنا لعرفنا شو سبب تعبها وألمها”، تحاول ميساء التماسك وكبت دموعها المتقاطرة على وجهها الرفيع لتحكي قصة تركت في ذاكرتها غصة ووجعا كبيرا.
تتابع ميساء حديثها بعبارات تتأرجح بين أمل الشفاء لابنتها من سرطان الدم وبين عذاب السفر وقسوة الظروف وسوء المعاملة من قبل الحواجز على الطريق فتقول بصوت متعب يكاد يُسمع “بعد ماعرفو الدكاترة سبب مرض فاطمة من بداية ٢٠١٦ اضطريت روح ع حماة مشان عالجها خاصة انو ابوها مطلوب احتياط ومافي ياخدها”.
صمتت ميساء لبرهة ثم تابعت حديثها : “ضليت روح ع حماة شي خمس أشهر وبالشهر السادس من ٢٠١٦ كالعادة وقفنا الحاجز واخد الهويات وبعد شوية قلي عسكري ميساء انزلي”، بعدها صمتّ وأجهشت بالبكاء لتمتم ببعض الكلمات : ” قلتلو والله مو عاملة شي وانا جاي عالج بنتي مريضة بس هوي مارد عليي”، ليسود الصمت والحزن على كل من كان بالباص معها ولكن ما باليد حيلة فالمتكلم منهم نهايته غير معروفة.
تقول ميساء ويداها ترتجفان: ” بعد مايئست انهون يتركوني قلتلو للشوفير بنتي أمانتك وصلها لأبوها وودعتا وأخدوني عالسجن وهنيك” لم تستطع ميساء متابعة الحديث ثم شربت كوبا من الماء” وقالت: ” حطوني بسجن كان في نساء كتير حتى بعضون طفلات صغار ” موضحة كمية القهر والعذاب والشتائم التي كانت تسمعها مع من كان في السجن.
“أصوات الشباب والرجال مابتروح من بالي وكيف كانو يعذبوهن واصوات الضرب والشتم والكلام البذيء” تقول ميساء بأنفاس متسارعة وجسم مرتعش يستذكر تلك اللحظات وسماعها لأصوات التعذيب في السجن المجاور لسجنها،” أول مادخلت عالسجن ومابعرف شو تهمتي قالتلي صبية لاتحكي شي في بيناتنا داسوسة بتنقل كل شي”.
بعد لحظات من صمت عمّ المكان تكلمت ميساء مبينة كمية القلق والقهر الذي انتابها وهي داخل السجن وهي تفكر في وضع ابنتها وزوجها وأطفالها الثلاثة الصغار وبين وجودها في السجن ومصيرها المجهول “رابع يوم أخدوني لعند الضابط وهنيك قلي إنو في تشابه أسماء بيني وبين صبية مطلوبة بيشبه اسمي بس بعد ماسألني واستجوبني”.
ثم تبتسم ميساء ابتسامة حزينة وتحدق بعينيها حيث مكان حرق السجائرعلى يديها أثناء الاعتقال: “صحي طالعوني من السجن بعد سبعة أيام بس كأنو ٧ سنين وهالفرحة كأنو انكتبلي عمر جديد بس حرق السجارات كان ألم تاني الله ينتقم منون”.
رزفت ميساء بطفلة صغيرة بعد سنتين من وفاة ابنتها فاطمة بعد صراع طويل مع المرض قرابة العام لتبقى ذكرى فاطمة مرتبطة بذكرى رحلات علاجها المؤلمة وحادثة الاعتقال مطبوعة في خيال ميساء وقلبها إلى الأبد.
قصة خبرية/خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع