الشام قطر واسع هو باب الشرق إلى البحر المتوسط، كان مؤلفا من ثلاث ولايات هي بيروت ودمشق وحلب، و لوائين هما جبل لبنان و القدس الذي يشمل البقاع الفلسطينية مهبط الوحي و النبوات ومشرق شمس الحكمة والديانات.
أما العراق العربي فقد كان مؤلفا من ثلاث ولايات أيضا هي بغداد عاصمة الخلفاء العباسيين، والموصل رافعة لواء التمدين في العصور الوسطى، و مدينة البصرة مجتمع العلماء ودار الباحثين من أقطاب الحضارة الإسلامية، ويضيفون إلى العراق لواء نجد أو الإحساء على ساحل الخليج الفارسي وكان قبل أعوما قليلة تابعا للبصرة.
في الشام أنهار جميلة كالليطاني وبردى والعاصي والأردن والساجور، أما في العراق نهران عظيمان هما دجلة والفرات، يؤلفان شبكة من المياه في هاتيك الجزيرة الزاهرة.
في العراق نهر حفره الإسكندر المكدوني على ما قيل و ديالى المشهور في كتب العرب و يسقي مقاطعة خراسان العراق، وهي أخصب بقعة فيه ونهر الغراف الذي يتفرع من جانب دجلة الأيمن أمام الكوت التي انتصر فيها حق العثمانيين على باطل الإنكليز وهو يمر بمدن كثيرة، لا سيما مدينة الحي التي شيدها أمير العراق في عهد الأمويين، ويصب على مقربة من الناصرية التي بناها ناصور باشا السعدون، أحد أقطاب الأسرة السعدونية صاحبي المقولة المطلقة على جميع قبائل العراق تقريبا من أجل الاطلاع على أخبارها فليراجع كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داود العثمان بن سند البصري، محقق كتاب تاريخ نجد المطبوع في بغداد حديثا وبقيت هنالك أنهار أخرى.
كل هذه الأنهار في العراق صالحة لسير السفن البخارية والشرعية، في دجلة تسير بواخر الشركة الثمانية التي أسسها أبو الأحرار مدحت باشا، الشركة الإنكليزية التي نالت امتيازها أيام السلطان عبد المجيد فأسست الصنيع مما حمل العثمانيين على فسخه، وفي الفرات تسير بواخر كثيرة للبريد ولتأمين الراحة وتوطيد الأمن.
كما أن السكك الحديدية في سورية أحكمت عرى الروابط الاقتصادية بين حواضرها، كذلك الطرق البحرية أو النهرية ربطت بلاد العراق بعضها ببعض وليس في العراق أنهار غير صالحة للسير إلا نهر خالص ودلي عباس وقد اندرس ولم يبق منه إلا أطلال طامسة وأنقاض دارسة وكان مصدره من دجلة من فوق سامراء بثلاث ساعات ويصب على مقربة من المدائن عاصمة دولة الساسانيين، ويقول بعضهم لازال باقيا إلى اليوم، يعلوه بعض الركام من الرمال وعليه آثار القناطر والجسور.
تتفرع من الفرات أنهار كبيرة في طليعتها نهر دجلة الذي أنفقت الدولة العلية على أحيائه نحو تسعمئة ألف ليرة، فشهدت له القناطر والجسور والخزانات للمياه قرب الهندية عند ثغور الفرات و هو الآن يروي مقاطعة الحلة ومزروعاته لا تقل عن 100 ألف فدان.
المركز الصحفي السوري _ محمد الإسماعيل