عندما بدأت الثورة في سورية لم يستطع ان يقف أبنائها متفرجين على مايحدث، من الجرائم النكراء التي تقوم بها “قوات الأسد” من تدمير للمدن والقرى وقتل وإعتقال للمدنيين من أطفالٍ ونساء، فهب أبناء سورية من مدنيين وعسكريين منشقين عن “النظام” للدفاع عن أنفسهم، وإنخرطوا ضمن صفوف الثورة المسلحة، في كتائب وألوية متعددة، فسارعوا لإرتداء البدلة العسكرية بمختلف أنواعها وألوانها، للتمييز بين المدني و الثائر المقاتل.
ومع مرور الأيام ودخول الثورة في عامها الرابع، أصبح المدني والعسكري والثائر وغير الثائر، يرتدون البدلة العسكرية بكل أنواعها، ولقد أفرزت الثورة عن حجم وكم هائل من المتسلقين عليها، وهم يرتدون البزة العسكرية المرقطة والعمامة السوداء على رؤسهم, ويستعرضون استعراضات عسكرية مثيرة للسخرية لا تليق ولا تتناسب أبدا مع هيبة البدلة العسكرية ووقار العمامة التي يعتمرونها وتعبر عن مشهد نادر في صيغته.
علماً أن قبل بدء الثورة كان يقتصر إرتداء البدلة العسكرية، على المتطوعين بالجيش، وعلى بعض عمال مغاسل السيارات أو ماشابه ذلك، وكان معظم السوريين يستحقرونها ويكرهون إرتدائها، لكرههم بالخدمة الإلزامية في جيش النظام.
“أبو نمر”من أهالي ريف إدلب الجنوبي، عند سؤالي إياه لماذا ترتدي البدلة العسكرية دائماً فقال: لقد أصبحت البدلة العسكرية جزء من الزي السوري، فأنا أرتديها لأكون جاهزاً دائماً لأي طارئ يستدعي وجودي فيه، فلا أعرف متى يتمّ إستدعائنا لمعركة على حين غرة، لذلك أنا دائما بحالة جاهزية.
أما “قاسم” أيضاً من ريف إدلب الجنوبي، فكان له رأيه مخالفاً تماما ” لأبو نمر”حيث قال: بات بعض المتسلقين على الثورة، يرتدون البدلات العسكرية لكي يحققوا مكاسب شخصية لهم على حد قوله وأضح “قاسم” إنه عندما يكون هناك توزيع، لبعض المواد الإغاثية على سبيل المثال، يأتي هؤلاء الأشخاص متباهين ببدلتهم العسكرية، ليأخذوا حق غيرهم أو دور غيرهم من الناس، كون الأغاثة توزع بموجب قائمة بالأسماء كل شخص له دور يستلم فيه، فالشخص الذي يرتدي البدلة العسكرية يتجاهل تلك الأسماء كونه محسوب على الثوار، علماً أنه لايمت للثوار بأي صلة.
أما “عدنان” فقد قال بكل صراحة، أنا أرتدي البدلة العسكرية لكي يكون لي الأولوية بالحصول على ربطة الخبز وعلى إسطوانة الغاز وعلى المواد الإغاثية وغير ذلك.
لقد أصبحت البدلة العسكرية من الزي السوري، حيث بات يرتديها معظم السوريين، بما في ذلك الأطفال، وهناك مشاغل مختصة بتفصيل البدلات العسكرية، بكافة الأصناف والأنواع والألوان، وتعد أرخص ثمناً من اللباس المدني، حيث يتراوح سعر البنطال والقميص بين 4000 و 6000 ليرة سورة أما البدلة العسكرية فلايتجاوز سعرها 3000 ليرة سورية، في السوق وغالباً تأتي هذه البدلات من الدول المجاورة كمساعدات للثوار.