المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 12/4/2015
تتعدد الأسماء التي يطلقها المحللون والباحثون اليوم على سوريا، فمن حرب منسية أو حرب استنزاف إلى قضية مستعصية، ولقد تعرض الشعب السوري لأسوأ جرائم القتل والتدمير والتهجير، على يد نظام أمطر شعبه قذائف وبراميل حقدٍ ورصاص غادر وسموم قاتلة، وحاصر شعبه ودمر كل ممتلكاته، وتبقى المأساة التي تخيم على هذا البلد معلقة لا حل واضحا في الأفق لها.
ولعل العام الرابع للثورة السورية الذي انتهى قبل عدة أسابيع كان العام الأعنف والأكثر دموية في تاريخ سوريا، فقد قتل وهُجر خلاله عشرات الآلاف من السوريين، واستخدم النظام قوة تدميرية غير مسبوقة بهدف قلب موازين القوى لصالحه، وفي الوقت ذاته عملت كتائب الثوار على التقدم والسيطرة على المزيد من المناطق في مختلف أنحاء البلاد وكان آخرها السيطرة الكاملة على مدينة إدلب شمال سوريا.
وتختلف الآراء داخل سوريا حول مصير الثورة في عامها الخامس، فمن متفائل بانقلاب لصالح الثورة إلى متخوف من استعصاء يستمر شهوراً طويلة دون مخرج منه، وحول هذا الموضوع حدثنا السيد “ناصر” أحد العاملين في مجال الإغاثة بريف إدلب الجنوبي، إذ يرى أن الثورة في الفترة الأخيرة بدأت تحيد عن أهدافها التي خرجت من أجلها، وذلك لعدة أسباب منها: التدخل الخارجي فيها من خلف الكواليس، وبعض التصرفات الخاطئة التي تخرج عن قادة الثورة العسكريين والسياسيين.
وأضاف “ناصر” إن بقي الوضع على ما هو عليه سوف تتحول الثورة السورية إلى حرب منسية أو قضية كقضية فلسطين، ثورتنا بالتأكيد في طريقها للتراجع إن لم يتم تصحيح المسار الذي خرجنا جميعاً من أجل تحقيقه”.
من جهة أخرى أكد “أبو علاء” أحد الناشطين في محافظة إدلب، أن الثورة السورية وما يترتب عليها من نتائج وأجواء الصراع التي تحتدم في سوريا، هامة جداً بالنسبة للولايات المتحدة الأميريكية، وذلك لثلاثة نقاط أساسية وهي الممرات الاستراتيجية، وموارد النفط، ووجود إسرائيل بوصفها حليف الولايات المتحدة في المنطقة، معتبراً أن الاهتمام وحتى التدخل الأميريكي في شؤون المنطقة استند دائماً لهذه الاعتبارات.
ولقد اتسم موقف المجتمع الدولي من الثورة السورية بالنفاق والعجز، فبدا أنه لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم إلا ما يشاء وحين يشاء، ولقد فشل مجلس الأمن في اتخاذ أي إجراءات حاسمة، ولم يتقدم خطوة واحدة لإيقاف نظام الأسد عن استخدام البراميل المتفجرة المدمرة، التي أوقعت عشرات المجازر بحق المدنيين السوريين.
أما الموقف الأمريكي فلقد اتسم بالتناقض والتردد والتراجع والفشل، باعتراف تقرير “قادة الأركان في البنتاجون” في إبريل / نيسان/2014 الذي يقول “لقد فشلنا في سوريا”، كما يؤكد تقرير آخر صدر عن مركز سترتفور الأمريكي أن الملف السوري “تحول إلى مأزق بالنسبة إلى البيت الأبيض”، والموقف الأمريكي من المأساة السورية لم يتجاوز بعض الإنذارات والتحذيرات والتهديدات الكلامية المطاطة، التي لم تصل أبدا حد التهديد بـ”التخلي عن نظام الأسد”.
أما الموقف العربي وصل لحد التواطؤ لإجهاض الثورة السورية، بكل ما أوتي هذا النظام العربي من إمكانيات، والعرب بشكل عام مغلوب على أمرهم مقلوبين على ظهرهم.
ولا يمكن لأحد أن يتجاهل التقدم الذي حصل لصالح الثورة في الفترة الأخيرة، من تقدم الثوار في إدلب ودرعا وحلب وعدة جبهات، رغم الخذلان العربي والعالمي والإسلامي، للثورة السورية لكن شعب سوريا لا يعول لا على شرق ولا على غرب إنما يعول على سواعد الثوار الأبطال، ولن تضيع دماء شهداء سوريا الأبرياء، ولا بد للمظلوم أن ينتصر على الظالم مهما طال الزمن.