دخلت أولى قافلات المساعدات من قبل الأمم المتحدة إلى مدينة داريا بريف دمشق، التي تحاصرها قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ 4 سنوات، لكن السكان شعروا بالإحباط بدلاً من الفرح، نظراً لأن المساعدات خلت من المواد الغذائية واقتصرت بشكل أساسي على مواد الشامبو، وأكياس للوقاية من الحشرات.
ويعيش في مدينة داريا -التي سيطرت عليها قوات المعارضة عام 2012- قرابة 8 آلاف نسمة، وبحسب إحصاءات للمركز الإعلامي في المدينة، فإن من بين هؤلاء ألفي طفل وطفلة.
ونشر ناشطون سوريون الجمعة 3 يونيو/حزيران 2016 على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لقائمة المساعدات التي دخلت المدينة الأربعاء والجهة المانحة لها، وتضمنت المساعدات ما يعرف باللهجة المحلية باسم “الناموسيات” وهي نسيج رقيق يوضع على الأسِرّة للحماية من الناموس والذباب، بالإضافة إلى عبوات شامبو لمواجهة القمل، وكميات قليلة من كراسي مخصصة للمقعدين، وعدد قليل من المواد الطبية وعبوات حليب أطفال.
ماذا نفعل بالمساعدات؟
مدير المركز الإعلامي داخل مدينة داريا حسام الأحمد، قال في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، الجمعة 3 يونيو/حزيران إن “الهلال الأحمر، والصليب الأحمر، ومنظمة الأمم المتحدة، والصحة العالمية، ومنظمة تنسيق المساعدات الإنسانية، وبرنامج الغذاء العالمي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين دخلوا إلى داريا بخمس شاحنات نصفها فقط مملوء بالمساعدات”.
وأوضح الأحمد أن عدد السيارات التي رافقت المساعدات كان أكثر من الشاحنات، وتساءل: “هذا الفريق السياحي المؤلف من 9 سيارات إلى أين يأتي؟”. وقال إن أهالي مدينة داريا “لا يريدون هذه المهزلة، فهم ليسوا بحاجة إلى شامبو ضد القمل والجرب، بل يحتاجون إلى الأمان ووقف القصف. ما دخل مجرد رفاهيات، فالناس في داريا يأكلون الحشائش من الأرض”.
وأكد الأحمد أن المساعدات الأممية لم تتضمن أية مادة أساسية، مشيراً أن السكان أبدوا سخريتهم منها، وقال إن “الأهالي كانوا قد رفضوا استقبال وفد الأمم المتحدة (بهذه المساعدات)، لولا أنهم تلقوا وعوداً بدخول قافلة مساعدات الجمعة 3 يونيو/حزيران 2016، وهو ما لم يحصل أيضاً”، حسب قوله.
ولفت إلى أن قافلة المساعدات التي كان من المقرر إدخالها إلى داريا الجمعة -وتحتوي مواد غذائية- تأجل لوقت آخر لم يحدد بعد.
خيبة أمل بعد انتظار
من جانبه أشار عضو المركز الإعلامي في المدينة، عبد الحميد الداراني، إلى أن المساعدات الأممية جاءت بعد شهر ونصف من دخول وفد أممي إلى داريا لـ”تقييم الأوضاع الإنسانية هناك”.
وقال الداراني إن قوات نظام الأسد منعت قبل 3 أسابيع قافلة مشابهة من الدخول، رغم وصولها إلى مشارف المدينة، مشيراً أن قوات النظام قصفت أماكن انتظار المدنيين للمساعدات، ما أدى إلى مقتل أب وابنه، وإصابة آخرين بعد استهدافهم بقذائف الهاون.
ولفت الداراني إلى أن سكان المدينة المحاصرة التي أنهكها الجوع، علقوا على المساعدات الأممية بقولهم إنه كان الأحرى بهم بدلاً من إدخال “الناموسيات”، إيقاف تساقط البراميل على رؤوس المدنيين وإيقاف القصف.
الداراني أشار إلى أن قوات النظام تواصل منذ أيام إحراق محاصيل القمح في مدينة داريا عبر قصفها بشكل مستمر، وقال إن “ما تم إحراقه من قبل قوات النظام يعادل عشرة قوافل من الأمم المتحدة على الأقل”.
وتعرضت داريا خلال 5 سنوات مضت، لدمار كبير جراء قصف طائرات النظام بالبراميل المتفجرة، ما أدى إلى تهدم أكثر من 80% من منازلها وبناها التحتية، ونزوح أكثر من 90% من سكانها.
اتهام للنظام
بدوره حمّل شادي مطر عضو المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لمدينة داريا، النظام مسؤولية عدم وصول المواد الغذائية، وقال في تصريح لـ”هافينغتون بوست” عربي، إن النظام لم يسمح بدخول هذه المواد مع المساعدات.
وأشار إلى أن قوات النظام سبق وأن منعت في وقت سابق قوافل مساعدات من الدخول إلى داريا نظراً لاحتوائها على حليب للأطفال. وقال إن الأمم المتحدة تقول عند دخولها للمدينة، إنها تحاول إدخال المواد الغذائية لكن لا تستطيع.
وتتحكم الحواجز العسكرية في دخول القوافل إلى مدينة داريا المحاصرة، إذ يسيطر عليها قوات من الفرقة الرابعة التي تشارك في قصف المدينة بشكل مستمر
انتقادات واسعة
وقوبلت المساعدات الأممية برفض واسع من قبل المعارضين والناشطين السوريين، وانتقدوا في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي دور الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة الإنسانية في سورية.
هافنغتون بوست