يبدو أن المهمة الأصعب حالياً هي إيجاد كل أفراد عائلة سورية تعيش في بلد واحد، وبعد أن أصبح السوريون أبطال الأرقام في اللجوء والموت، بات الزوج لا يرى زوجته في بعض الحالات، والأب لا يرى أولاده في أحيان أخرى، وصولاً إلى شاب لم ير خطيبته ولا مرة واحدة إلا عبر السكايب.
وعلى اعتبار أن الحاجة أم الاختراع كما يقول السوريون أنفسهم، فإن ثمة مجموعة منهم ابتكروا حماما زاجلا خاصا بهم وبكل سوري يرغب برؤية فرحة أو ضحكة أحد أحبته، وكانت صفحة “بريد المغتربين” التي تختص بتنظيم المفاجآت السارة وإيصال بعض الهدايا الرمزية إلى سوريين داخل سوريا وخارجها.
مؤسس الصفحة دريد لبابيدي يقول لـ”العربية.نت” إنه اضطر لترك سوريا عام 2014 مع زوجته وأولاده بعد تجارب كثيرة من الهرب من الموت بأعجوبة، ولأنه حمصي حاول طوال فترة الحديث معه رمي النكات والتخفيف من وقع تجربته القاسية، سواء في المعتقل أو في حمص نفسها.
ويتابع لبابيدي أن زوجته كوثر ابتكرت فكرة أن يحاولوا إيصال أي هدية لأي مغترب سوري إلى أهله في سوريا، فتم إنشاء الصفحة في حزيران/يونيو 2015، واستطاعت الصفحة تغطية 7 مدن سورية، وذلك بالطبع بالتواصل مع أصدقاء داخل سوريا، وأما آلية العمل فهي “رسالة، حكاية، فهدية، دمعة، فرحة، وصورة”.
يقول لبابيدي “صرنا مع كل هدية نوصلها نشوف كيف الأولاد يهدي أهلهم بسوريا هدية، والهدية تقدر تنزل دمعة فرح، وكانت الهدية تجمع الأهل”.
الصفحة دخلت إلى بيوت الكثيرين داخل سوريا، وبدأت بكتابة حكايا تلك الهدايا، وازداد التجاوب مع الصفحة، وعرض البعض مساعدتهم في إيصال الهدايا بطريق عكسي، من سوريا إلى الخارج ومن الخارج إلى الخارج، وهذا ما حدث فعلاً.
يدفع الشخص المرسل ثمن تكلفة الهدية مع أجر رمزي، ولكن ما يصله أكبر بكثير، وربما تبقى حكايات “بريد المغتربين” ذكريات في عقول أصحابها، ورسالة بسيطة ومعبرة للعالم الذي لم يستطع أن يجمع شمل السوريين، فقامت صفحة فيسبوكية باختراع حمام زاجل عصري وجمعت شملهم ولو لبضع دقائق.
من الحكايا الكثيرة في الصفحة مشاركة الصفحة بـ11 عرسا، واحتفالات بأعياد ميلاد تفاجأ أصحابها بهدية و”كاتو” من الشخص الأغلى المقيم في بلد بعيد، واستطاع “بريد المغتربين” توزيع حوالي ٣٠٠٠ دمعة فرح.
يعمل حالياً في الصفحة 11 شخصا، كل واحد منهم مسؤول عن توصيل الهدية في بلد معين موزعين “٢ بسوريا و٥ بالسعودية و١ بالدنمارك و٢ بألمانيا و١ بلبنان”.
من قصص الصفحة الطريفة: “مغترب أراد مصالحة زوجته المقيمة بسوريا، فأرسل لها هدية عن طريق الصفحة، وتمت عملية المصالحة بنجاح”.
العربية نت