بان كي مون يعلم أن دولة وهمية في تندوف لا يمكنها أن تبقى ولا هي مرغوب فيها وهو يعلم أن مغربية منطقة الصحراء أمر لا غبار عليه.
لم تتمكن الأمم المتحدة من منع جورج بوش الابن من غزو العراق والتسبب في وجع للمنطقة بأسرها، بالإضافة إلى ذلك، ولعقود من الزمن، لم يتمكن هذا التجمع الشجاع (الأمم المتحدة) من سن قرارات تدين دولة إسرائيل. وتتراكم العديد من الملفات في الأدراج ولا يليها أي تأثير. إن إسرائيل لم تحترم البتة العشرات والعشرات من القرارات، معربة عن احتقارها العلني لهذا “الشيء”.
لم يتم حل أي نزاع رئيسي استنادا لهذه الهيئة، حيث أن مجلس الأمن هو الوحيد الذي يمتلك بعض الصلاحيات من خلال استخدام حق النقض، أما الباقي فهو مجرد ثرثرة وبيروقراطية وإدارة درامية، ورياح التي لا يمكنها أن تضمن حتى الانتعاش عندما تخنق داخل هذه الجدران.
بدلا من أن يضيع وقته بزيارة تندوف وأصدقائه الجزائريين، كان من الأفضل بالنسبة إلى السيد بان كي مون أن يتوجه إلى عين المكان ويتابع الأكراد الذين يقاتلون لوحدهم على الأرض ضد داعش، وكان عليه أن يزور الفلسطينيين الذين ترزح أراضيهم بالفعل تحت وطأة احتلال غاصب ومتغطرس لا يعير اهتماما لإدانات الأمم المتحدة، لا أن يغض الطرف على ذلك ويتركها تتمادى. وهو يسلّم بذلك بأن إسرائيل دولة فوق النقد، يمكنها أن ترتكب المجازر التي تريد، والتي كان آخرها في صيف عام 2014، دون أن تتم معاقبتها.
هذا “الشيء” بال ومتعب وثقيل. وأصبح يعاني من البدانة المفرطة، وبالتالي لم يعد قادرا على التحرك بمرونة وخفة والقيام بدور دبلوماسي حقيقي.
المغرب لا يطلب أن يتم التعامل معه بلطف ولكنه يطالب بتطبيق القانون، الصحراء أرض مغربية والجميع يعرف ذلك بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة، ومن وراء هذا الصراع تقف الجزائر التي تمسك بخيوط اللعبة وتدفع ثمنا باهظا من أجل تعكير صفو حياة المغرب وتطوره. إنها قصة قديمة بين “الإخوة الأعداء”، حيث أن أحدهما حسود يصب جام غيرته على المغرب الذي لا يملك لا نفطا ولا غازا، ولكنه مسلح برأس مال بشري حي، وملك محبوب ومحترم لأنه يخدم بلده بلا هوادة.
يعلم السيد بان كي مون أن دولة وهمية في تندوف لا يمكنها أن تبقى ولا هي مرغوب فيها. وهو يعلم أن مغربية منطقة الصحراء أمر لا غبار عليه، لكنه يلعب دوره ويتحدث عن “احتلال” كما لو أننا في فلسطين. أعتقد بصدق أنه أخطأ السفر والزيارة. وبدلا من زيارة الفلسطينيين الذين اغتصبت إسرائيل أراضيهم، وعوض أن يكتشف كيف تمارس هذه الدولة سياسة الميز العنصري دون أن تفصح عن ذلك، وعوض أن يهب لمساعدة شعب فقد الأمل، تحوّل مسار طائرته بفعل رياح النوايا السيئة لكي تحط هنا، حيث يتدرب إرهابيو القاعدة وداعش من أجل الالتحاق بمسلحي الدولة الإسلامية.
من الواضح، أنه لم ير شيئا في تندوف. كان بإمكان أصدقائه الأميركيين إطلاعه على الفيديوهات المصورة حول هذه المدينة التي افتكتها فرنسا من المغرب في عام 1932 وضمتها إلى الجزائر في فترة الاحتلال الفرنسي، هذه المدينة أصبحت تربة خصبة للإرهاب الدولي. إذا لم يتم إبلاغه بذلك، فإن أجهزته لا تقوم بعملها أو أنها تغض الطرف عن ذلك.
العربالطاهر بن جلون