أظهر بحث جديد صادر عن معهد الغذاء المستدام في جامعة شيفيلد بالمملكة المتحدة أن زراعة الفاكهة والخضروات في 10% فقط من حدائق المدينة وغيرها من المساحات الخضراء الحضرية، يمكن أن توفر 15% من احتياجات السكان المحليين.
ففي الدراسة التي نشرت بتاريخ 17 مارس/آذار الجاري في دورية “نيتشر فوود – Nature Food”، بحث أكاديميون من جامعة شيفيلد في إمكانات البستنة الحضرية من خلال رسم خرائط للمساحات الخضراء والمساحات الخضراء غير المشجرة في مدينة شيفيلد.
ووجد الباحثون أن المتنزهات والحدائق والمخصصات من الأراضي الزراعية وحواف الأرصفة والغابات تغطي 45% من مساحة شيفيلد، وهو رقم موحد تقريبا في مدن المملكة المتحدة الأخرى.
كما أن 38% من المساحات الخضراء تتألف من حدائق منزلية معدة ومتاحة لإمكانية البدء بزراعة الغذاء فورا.
وعند البحث في بيانات صادرة عن هيئة المساحة وغوغل إيرث، وجد الفريق أن 15% إضافية من المساحات الخضراء في المدينة، مثل الحدائق وأرصفة الطرق، يمكن أيضا تحويلها إلى حدائق أو مخصصات مجتمعية.
وبهذا فإنه في حال تسخير الحدائق المحلية والمخصصات من الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء العامة المناسبة معا لأغراض الزراعة المثمرة، سيؤمن ذلك 98 مترا مربعا للفرد في شيفيلد لزراعة غذائه من فاكهة وخضروات.
مما يعني زيادة تقدر بـ “أربعة أضعاف” المساحة الحالية المخصصة لأغراض البستنة التجارية للفرد الواحد، والتي تقدر بـ 23 مترا مربعا في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وإذا تم استخدام 100% من هذه المساحة لزراعة الغذاء، فيمكنها إطعام ما يقرب من 709 آلاف فرد سنويا، أو 122% من سكان شيفيلد.
وفي حال استخدام 10% من الحدائق المحلية و10% من المساحات الخضراء المتاحة، بالإضافة إلى الحفاظ على الأراضي المخصصة الحالية، فإن ذلك سيؤمن الفاكهة والخضروات لـ 15% من السكان المحليين أي بما يزيد على 87 ألف فرد.
الزراعة بالطرق المائية
كما بحثت الدراسة في إمكانات الزراعة دون تربة على الأسطح المستوية كالزراعة المائية (الهيدروبونيك)، حيث تزرع النباتات في محلول مغذٍ، وكالنظام الغذائي المائي (الأكوابونيك)، وهو نظام يجمع بين الأسماك والنباتات حيث يتم تغذية النباتات بالمياه الحاوية على فضلات الأسماك.
ويمكن لهذه التقنيات أن تسمح بالزراعة على مدار السنة مع الحد الأدنى من متطلبات الإضاءة، واستخدام بيوت الدفيئة الزراعية التي تعمل بالطاقة المتجددة والحرارة التي يمكن تأمينها من المباني، مع إمكانية تجميع مياه الأمطار للري.
وبالفعل وجد الباحثون أن الأسطح المستوية تغطي 32 هكتارا من الأرض وسط مدينة شيفيلد بما يقدر بـ 0.5 متر مربع فقط للفرد، مما يمكن أن يقدم مساهمة كبيرة لأعمال البستنة المحلية.
وطرح الباحثون مثالا عن استيراد المملكة المتحدة حاليا لـ 86% من إجمالي إمدادات الطماطم، ولكن إذا أصبحت 10% فقط من المسطحات المحددة داخل مركز شيفيلد مزارع طماطم بالطرق التي لا تحتاج إلى تربة، فسيكون من الممكن أن تنمو بما يكفي لإطعام أكثر من 8% من السكان.
ويمكن أن يزيد هذا إلى أكثر من 60% إذا تم استخدام ثلاثة أرباع مساحة تلك المسطحات، وبهذا فإن زراعة نسبة صغيرة من الأراضي المتاحة يمكن أن تغير صحة سكان المناطق الحضرية، وتعزز بيئة المدينة وتساعد في بناء نظام غذائي أكثر مرونة، كما ستحسّن الأمن الغذائي في البلاد بشكل كبير.
ويرى الباحثون أن تحسين الأمن الغذائي الوطني يتطلب تغييرا ثقافيا واجتماعيا كبيرا، كما أنه يقتضي أن تعمل السلطات بشكل وثيق مع المجتمعات لإيجاد التوازن الصحيح بين المساحات الخضراء وأعمال البستنة.
وفي حال الوصول إلى الإدارة الدقيقة للمساحات الخضراء واستخدام التكنولوجيا في أعمال البستنة، فيمكننا أن نشهد صعود “مدن الغذاء الذكية”، حيث يمكن للمزارعين المحليين دعم مجتمعاتهم بأغذية طازجة ومستدامة.
نقلا عن الجزيرة