يوماً بعد يوم تتزايد الانتقادات الأهلية والتربوية السورية الموجهة إلى وزارة التربية والتعليم التركية بعد قرارها إلزام طلاب التمهيدي والصف الأول الابتدائي والصفين الخامس والتاسع بالانتقال إلى المدارس التركية والذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة برفض الأهالي والمدراء والمدرسون تلك القرارات التي تسير على طريق تتريك السوريين كما قالوا لنا وأغلب الآراء إن لم يكن جميعها تستهجن القرار وتصفه بالمجحف بحق الأبناء وغير صائب وسيدمر الأطفال ويمحو هويتهم العربية.
ويبدو أن قضية دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية ستأخذ منحى أكثر قلقاً خاصة وأن معظم الأهالي متفقين على عدم إرسال أولادهم إلى المدارس والرفض القطعي للقرار وعدم الاستجابة لتطمينات التربويين السوريين والمسؤولين الأتراك، رغم التصريحات الواضحة للمسؤولين في وزارة التربية التركية والتي تقول لا رجعة عن القرار مما يزيد الاستياء من القرارات التركية التي تصدر دون مراعاة مشاعر السوريين أو احترام ثقافتهم وعروبتهم مما يجعل الطفل فاقداً العربية وجاهلاً ما تعنيه بالنسبة له وفي هذا التقرير نطرح عدداً من الآراء المختلفة بالشكل والمضمون.
بدأنا حديثنا مع الأستاذ معاذ الابراهيم خريج الفقه من جامعة دمشق ومدرس التربية الدينية حيث قال:” بالنسبة للقرار غير صائب خصوصاً في الوقت الحالي وأنه لم يتبق سوى وقت قليل لافتتاح المدارس وهي أيام قليلة ولم يتم التجهيز لهذا الأمر بشكل جيد خصوصاً من ناحية وجوب وجود مدرسين سوريين ضمن الكادر التدريسي في المدارس التركية التي سيكون فيها تواجد للطلاب السوريين للمساعدة في عملية تعليم الطالب السوري وخصوصاً انه يعلم كيف التعامل الجيد معه وهو ابن البلد.”.
وعن نتائج هذا القرار يرى معاذ أنه هناك نتائج ايجابية وسلبية، فمن الإيجابية هو لطول مدة إقامتنا في تركيا فهذا مساعد لدمجهم مع الطلاب الأتراك وناحية ثانية الفائدة الكبيرة من حيث تعلم اللغة التركية لغة البلد الذي نعيش فيه وهذا مهم وضروري للتعايش، أما السلبيات فهو التأثير السلبي على الطلاب في لغتهم الأم العربية ولتفادي ذلك إدخال مدرسين سوريين لمدارسهم والسلبية الثانية قد تكون في اختلاف العادات بين الطلاب في البلدين مما قد يؤدي إلى تفاوت في التأقلم بين الطلاب وعدم التآلف، لذلك قد يكون الحل بدعم المدارس المؤقتة وجعلها مدارس نظامية وتكثيف اللغة التركية في مناهجها.”
مازن الحسون مدير مدرسة براعم سورية في العثمانية يرى بأن نستفيد من هامش الحرية في تركيا ونعلم أولادنا معنى الوطن لكي لا تضيع الهوية السورية مقارنة مع بلاد اللجوء الأخرى فإن الاندماج واقع مفروض علينا لكن توجد مساحة أمل صغيرة بسبب تقارب الثقافات والدين فتدرس اللغة العربية لساعات محددة في الأسبوع بالإضافة لجهد الأهل في المنزل يخفف من حدة هذا الاندماج عندها يمكن تلافي الخطر، لافتاً إلى أنه لن يتعلم أولادنا تاريخنا و جغرافيتنا وثقافتنا بعد اليوم في المدارس فأهداف التعليم في تركيا تعزز الانتماء للوطن تركيا وتعزز الثقافة الفردية للطلاب بهذا الاتجاه.
أما عمران الحمصي فاستهجن القرار قائلاً:” ليس من حقهم طمس هوية أطفالنا وهو قرار غير صائب والمعنيين باليونيسيف يجب أن يصلهم رفضنا القاطع للقرار وخاصة أننا لسنا لاجئين بل ضيوف كما تقول الحكومة التركية.”
وسامر مدرس في إحدى المدارس في مدينة استانبول له نظرة أبعد فهو يؤكد أن معظم اللاجئين السوريين لن يبقوا في تركيا ويوماً ما سيعودون إلى بلادهم وأنا واحد منهم فما حاجة أطفالنا بتعلم اللغة التركية بشكل قد يقضي على اللغة العربية التي يؤسس لتعلمها في المرحلة الابتدائية وهي مرحلة أهم ومن غيرها لا يمكن تعلم اللغة العربية فهل سنبقى العمر كله في تركيا.”
ويتساءل سامر :” من شاورت وزارة التربية في هذا المجال إذا كنا جميعاً لا نقبل بهذا القرار الذي لا يعيرنا أي أهمية نحن كسوريين أدرى بطلابنا وتفكيرنا وقيمنا وعاداتنا.”
وللسيد فاتح من الريحانية رأي مختلف فهو يتحدث باعتباره أب لديه أولاد في المدارس يقول :” إن تعلم أبنائنا اللغة التركية أمر ممتاز مع عدم إغفال اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم وانضمام أولادنا وهم في أوائل مراحلهم الدراسية جيد لتلقيهم اللغة واكتسابها وبكل حال أنا شخصياً أعتبر أن من الضروريات تعلم اللغة التركية فتركيا هي قلعة المسلمين وهي فخرنا.”
حملنا تلك الانطباعات والآراء وتوجهنا بها إلى الأستاذ حسن طيفور نقيب المعلمين السوريين في تركيا فأجابنا متأسفاً لما صدر بحق الطلاب السوريين من قرارات خاصة طالب صف الأول الابتدائي غير المستعد لهذا الاندماج نظراً لكثرة المشاكل التي تعيق ذلك مؤكداً أن لقاءات كثيرة ومشاورات جرت على مستوى الوزارة والنقابة بخصوص هذا القرار ولم تنشر وزارة التربية أي شيء يخص تلك المسألة رغم الاعتراضات الكثيرة.
وتمنى طيفور من وزارة التربية والتعليم مراجعة تلك القرارات والتخفيف من آلية تطبيق القرارات التي لم يتقبلها الطلاب ولا حتى الأهالي منوهاً أنه من الممكن إلزام طلاب الصف الأول الابتدائي بالقرار وجعل طلاب الصفين الخامس والتاسع ينتقلون إلى المدارس التركية بشكل اختياري وهذا ما قد توافق عليه وزارة التربية التركية.
يذكر أن وزارة التربية التركية أصدرت مؤخراً قراراً يقضي بنقل ملزم لطلاب الصف التحضيري والصف الأول الابتدائي والصفين الخامس والتاسع إلى المدارس التركية وكذلك قرار اختياري بنقل طلاب الصف الأول الإعدادي إلى المدارس المهنية التركية وتقام حالياً دورات تدريبية للمدرسين السوريين تحضيراً للعام الدراسي القادم وليبقى التعليم السوري في عهدة الحكومة التركية بشكل تدريجي.
صهيب مفوض الابراهيم – المركز الصحفي السوري