صرح قاضي التحقيق المالي الأول بدمشق “ياسين كحال” لصحيفة الوطن الموالية للنظام أنه تم ضبط مكاتب للحوالة غير المشروعة وغير المرخصة، معتبرا أن جرم تلك المكاتب من الجرائم الخطيرة التي يجب معاقبة مرتكبيها إلى جانب تصريف العملات الأجنبية في السوق السوداء، وأضاف أن دائرة التحقيق القضائية تستقبل يوميا 5 دعاوى على الأقل مرتبطة بتلك المخالفات.
فقد ارتفعت نسبة المتاجرة بمكاتب التحويل وتصريف العملات في الآونة الأخيرة، ولعل السبب الأكثر تأثيرا في ذلك تدني سعر صرف الليرة السورية مقارنة بالعملات الأخرى، ما دفع كثيرا من المواطنين لاستبدال مدخراتهم من العملة السورية بالدولار أو باليورو، ليصف كحال في تصريحه أولئك التجار بضعاف النفوس الذين يتاجرون بمعيشة المواطن لملء جيوبهم وهم فئة قليلة اعتلى الجشع والطمع قلوبهم.
لعل “كحال” غافلٌ عن حجم الفساد الذي يسود جميع مؤسسات الدولة ودوائرها الحكومية، وغافل أيضا عن تقارير الفساد التي صدرت مؤخرا عن هيئة الرقابة والتفتيش، فأولئك التجار ليسوا سوى بعض من أذيال المفسدين، والجدير بالذكر أن ملاحقة المسؤولين الكبار ومحاسبتهم على ذلك أولى من إلقاء فشل إدارتهم على عاتق غيرهم.
يعلق أحد المواطنين غاضبا ليدلي برأيه :” مو شاطرين غير يعملوا حالن خايفين ع هالبلد وبدن يقضوا ع الفساد، ينزلوا ع السوق ويشوفوا التجار كل مين ببيع ع كيفو لا في رقابة ولافي محاسبة، وتجار التصريف بالسوق السودا كلهن مدعومين من مسؤولين كبار بالدولة، اشتهينا مرة نسمع حكموا واحد منهن أو سجنوه، حاج يضحكوا علينا خربوا البلد ولسه بقولوا عم يحاربوا الفساد، هنن الفساد بذاتو”.
ونظرا للظروف الراهنة باتت الحاجة ملحة لتلك المكاتب، فكثير من السوريين في الخارج يقومون بتحويل مبالغ مالية لأقربائهم في الداخل، ويلجؤون لتلك المكاتب بعيدا عن مثيلاتها المرخصة كي لا يفقد المبلغ قيمته حيث تفرض عليه ضرائب ولا يعطى المبلغ إلا بالليرة السورية بحسب سعرها مقابل العملة المحولة.
عقوبات اقتصادية، وبنى تحتية شبه مدمرة، ومؤسسات خدمية تفتقر للخدمات، وعدم توفر فرص عمل، جميعها مقومات ساهمت بوصول الليرة السورية لحافة الهاوية، ما يجبر السكان على التعامل بعملات أخرى يأتي الدولار في مقدمتها، والنظام السوري بإدارته الفاشلة ساعد في تفاقمها ليلقوا اللوم كالعادة على غيرهم، فالاقتصاد منهار بوجود ضعاف النفوس أو دونهم.
وحمّل “كحال” الإعلامَ بكافة أشكاله المسؤوليةَ الكبرى في ارتفاع نسبة تلك الجرائم التي تؤثر في الاقتصاد الوطني والمال العام، لما لها من أهمية في توعية المواطنين كون وسائلها الأقرب إليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه على غير دراية أن تلك الوسائل باتت للسخرية من قراراتهم وأخبارهم.
رغم التلاعب بالأسعار وعمليات النصب والاحتيال التي يقوم بها تجار مكاتب التحويل والصرافة، إلا أن وجودها أصبح ضرورة تقتضيها الحالة فقد ازداد عددها في معظم أرجاء سوريا وفي المناطق المحررة على وجه الخصوص، وانعدام الرقابة عليها ما أثر سلبا في المواطن الذي لاحول له ولا قوة.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد