هنا في الشمال السوري حيث تردي الأوضاع المعيشية وسوء النواحي الخدمية .هنا حيث الحياة بشتى صورها البائسة وظروفها المأساوية .كل يوم حكاية أرواح متعبة ،وكل يوم هناك حالة يندى لها جبين الإنسانية ،ولعل أبرزها ازدياد أعداد الأطفال الأيتام والنساء الأرامل .
فالمرأة في الشمال السوري ليست فقط مسؤولة عن رعاية أطفالهاإنما أصبح على عاتقها إعالة أفرادأسرتها وحمايتهم من الضياع والتشرّد.
مع تزاحم الظروف الصعبة نجد المرأة اليوم، همها الأكبر البحث عن فرصة عمل كمدرِّسة أو ممرضة أو حتى مستخدمة في إحدى القطاعات، أو أن تلجأ لتعلّم إحدى الحرف كالخياطة والنسيج علَّها تستطيع الحصول على بعض النقود لأسرتها.
الأسباب التي دفعت المرأة للعمل : الفقر والحاجة هي من أهم الأسباب خاصة عند النساء اللواتي فقدنَ أزواجهن أثناء القصف على المدن والقرى أو كمعتقلين أو مختفين قسرياً، عدا اللواتي تطلقن بسبب الغلاء وسوء الأحوال الاقتصادية، ومانتج عنها من خلافات أسرية وتفرّق بين الأزواج .فضلاً على أن معظم العوائل فقدوا من كان قادرا على العمل وتأمين متطلبات الحياة اليومية كمصابي حرب او عاطلين عن العمل .
وأظهرت إحصائية نشرها منسقو الاستجابة السورية وجود عشرات الآلاف من الأطفال الأيتام والأرامل جرّاء الصراعات خلال السنوات العشر الأخيرة ،وبحسب الإحصائية فإن عدد الأرامل التي ليس لها معيل قد بلغ 46 ألف و302 امرأة ،في حين بلغ عدد الأطفال الأيتام وهم من هو دون سن الثامنة عشرة 197 ألف و856 طفلاً.
فيما جاء عدد السكان الإجمالي 4ملايبن و 186 ألف و704 نسمة تقريباً في منطقة شمال غرب سوريا. كما لفتت إلى أن عدد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة قد بلغ عددهم مايقارب 19 ألف و 918 شخصا، ليعيش معظمهم حياة صعبة.
الأخت(أم خالد)هي أم لأربع أطفال فقدت طفلتها ذات الثماني سنوات أمام عينيها بغارة للنظام على بلدتها في ريف إدلب الجنوبي ماتسبب بإصابة أخيها (خالد) باعتلال في النطق من هول مارأى ودخوله بحالة اكتئاب حاد، هذا عدا عن إصابة زوجها وبتر قدمه ،تقول (أم خالد): اضطررت للعمل في إحدى ورشات قطاف الزيتون أو أي ورشة أخرى لأعيل أسرتي، خصوصاً أن زوجي مقعد،وأبحث عن أي عمل يكون أطول مدة من الورشات ،أقضي معظم اليوم في العمل في الورشات ثم أقضي باقي يومي في خدمة أسرتي” .
وتضيف الأخت (أم عبد الكريم) التي تعيش في مخيم الماجد التابع لتجمع مخيمات أطمة :”لدي سبعة أطفال أربع منهم مصابون بالضمور الدماغي أما زوجي فقد أصيب في عموده الفقري ولا يستطيع العمل ،نزحنا من قريتنا بسبب القصف المتكرر وليس لنا معيل” .
كما أضافت أنها تبحث عن أي عمل يساعدها في تأمين حفاضات لأبنائها المعاقين فليس بوسعها سوى استعمال أكياس النايلون خشية البلل في ثيابهم .
ورغم أن البعض يرى أن عمل المرأة اليوم يعمل على تقليص الفرص بالنسبة للرجال بسبب ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل ،إلا أننا نجد المرأة اليوم مجبرة على العمل في ظل غياب المعيل على الأقل لتأمين العلاج لأحد أفراد أسرتها، فالقصف الممنهج خلّف أذيات متفاوتة ناهيك عن الغلاء وتردي الأوضاع المعيشية
فداء معراتي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع