“كل قوانين الدنيا تجمع على أن المجرم لا بد أن ينال عقابه لكن.. ما يحدث في سوريا من إنكار الجرائم التي يرتكبها النظام يجعلني أنعته بالمنافق الحقيقي الذي لا يدرك خداعه؛ لأنه يكذب بمهارة” تلك كلمات أبي طارق النازح الفقير، داخل أحد مخيمات الشمال في الأراضي الخارجة عن سيطرة النظام، قرب الحدود التركية.. أفقده النظام حتى خيمة لجوئه وبات عليه اللجوء إلى مكان آخر آملاً الفرار من قصف طيران النظام الفاقد للشرعية.
لقد لجأ النظام إلى قصف تلك المخيمات فقتل مالا يقل عن 30 شخصا، وللأسف غالبيتهم من الأطفال والنساء ، محدثاً جريمة جديدة بحق شعبه الأعزل، تكشف أم أيمن (34 عاماً) “قصف بيتي في ريف مدينة إدلب الذي كان الشيء الوحيد الذي أملكه بعد وفاة زوجي المعتقل في سجن صيدنايا بسبب التعذيب الممنهج.. وكون أطفالي صغارا وليس لهم معيل سوى الله وما تقدمه بعض المنظمات الإنسانية المخصصة لمساعدة أسر المعتقلين إذ تقدم لهم المعونات التي تساعد في الحياة اليومية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.. وعجزي وضعفي دفعني للنزوح إلى تلك الخيم المعدة للأهالي.. آه استطعت إخراج بعض الحاجيات الشخصية التي تذكرني بأسعد الأيام التي أمضيتها مع زوجي قبل اعتقاله.. وإحضارها معي لمخيم النزوح.. لكن القصف الذي طال تلك المخيمات أفقدني حتى.. حتى ذكريات من أحببت، يا لله.. لقد فقدت حتى البسمة التي تذكرني بأشيائه الشخصية، وباتت دمعة الحزن تسيطر على قلبي الذي أفقده النظام حتى الشعور بدقاته”.
يكشف أبو عبدالرحمن “لم ننسَ معاناتنا الأولى من الخوف من طيران الموت والدمار التي دفعتنا للنزوح والتهجير ليلاحق المدنيين المسالمين إلى مخيمات النزوح ويعود النظام بتجديد تلك المخاوف ولسان حاله يقول “حقدي لا ينفد وسأدمر كل شيء كان بالأمس جميلاً” وأنا أقول حسبي الله ممن لا يرحم.. لكن لا مفر من عقاب الله للمجرمين ولو بعد حين”.
يقول أحد العاملين في مجال الانقاذ” نحمل مسؤولية هذه المجزرة وما قبلها من مجازر التي ارتكبها النظام وحلفاؤه للمجتمع الدولي ولمنظمات الأمم المتحدة لما يشاهدونه من مأساة يومية ومعاناة مريرة تُرتكب بحق الشعب السوري المسالم، والوقوف موقف المتفرج دون إجراءات تتخذ بحقهم للحد من ذلك”.
ورغم هشاشة الخيام أمام البيوت وصعوبة العيش فيها إلا أن السورين ، ولاستمرار الحياة تأقلموا نسبياً مع وضعهم المفروض رغماً عنهم؛ فمنهم من رتب تلك الخيم وعزل قسماً من الخيمة ليتم إعداده كمكان للطبخ وأمّن بعض المستلزمات التي تساعد على تدبر شؤون حياته مع من بقي من الأسرة.
تدمدم مها (19 عاماً) فقدت والديها “خسرت كل شيء حتى خيمتي وأشيائي الموجعة ولم يبقى لدي سوى جدتي العجوز التي تعاني من مرض الزهايمر تربت على كتفي وتبتسم .. ماذا بك يا ابنتي؟ وكأنها تخبرني رح ننسى كل الآلام ونعود من جديد لحياة جديدة نحن السوريين صابرون، وسوريا المستقبل نحن من سيعمرها.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد.