يعتقد السوريون المتكدسون على حدود تركيا مع اليونان أن آمالهم في العثور على ملاذ في الاتحاد الأوروبي تقع تحت رحمة ألوف المهاجرين الآخرين الواقفين على الحدود ولهم أوطان آمنة نسبياً.
وعلى الحدود تفوق أعداد الأفغان والباكستانيين عدد السوريين الذين نزحوا عن بيوتهم هرباً من الحرب الأهلية الطويلة. ويقول السوريون إن أغلب رفاقهم من المهاجرين ركبوا موجة الهجرة لأسباب اقتصادية، ويدّعون بعد ذلك أنهم سوريون.
وقال يحيى رئيس (20 عاماً) القادم من حلب التي شهدت بعضاً من أعنف الاشتباكات خلال الحرب لوكالة «رويترز» للأنباء: «أشعر بالغضب عندما أقابل أشخاصاً من المغرب وباكستان وحتى أفغانستان». وأضاف: «لو أن هنا ألفين أو ثلاثة آلاف سوري فقط فربما كانت اليونان توافق على فتح الحدود… فهم يعرفون أننا لاجئون حقيقيون».
ويحاول ألوف المهاجرين الوصول إلى اليونان منذ قالت تركيا في 28 فبراير (شباط) إنها لن تحاول إبقاءهم في أراضيها تنفيذاً للاتفاق الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي في 2016 مقابل مساعدات أوروبية بمليارات اليورو.
وقالت تركيا إنه لم يعد بمقدورها احتواء مئات الآلاف من المهاجرين الذي تستضيفهم وخاصة في ضوء احتمال تدفق المزيد من اللاجئين الفارين من اشتباكات عنيفة في شمال غربي سوريا غير أن اليونان تحاول منع المهاجرين من دخول أراضيها.
ويشعر لبيب مرغي صديق يحيى رئيس بنفس العداء الذي يشعر به صديقه تجاه المهاجرين الآخرين. وقال مرغي (16 عاماً): «لا توجد حرب في المغرب ولا في الجزائر ولا حرب في باكستان… حتى في أفغانستان الوضع أفضل من سوريا… اضطررنا للرحيل لأن حكومتنا تريد أن تقتلنا أو تخرجنا من بيوتنا».
خرج رئيس ومرغي من المخيم الحدودي لشحن هاتفيهما وتناول الإفطار في مقهى بسيط في قرية كاراجاج التركية حيث يلعب بعض كبار السن الورق.
وفي كشك مجاور قال مهاجرون من شمال أفريقيا إنهم جاءوا إلى الحدود دون وثائق هوية حتى يُصبح بإمكانهم ادعاء أنهم سوريون لتعزيز فرص حصولهم على حق اللجوء إذا استطاعوا الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال بدر عباسي المغربي: «لا توجد لنا فرصة في حياة كريمة… إذا استطعت بإذن الله الوصول إلى الاتحاد الأوروبي فسأقول إنني من سوريا وإلا فإنهم سيعيدونني». وهز رفاقه رؤوسهم موافقين على كلامه وهم يحتسون الشاي.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو يوم (الأربعاء) الماضي إن السوريين يمثلون ما بين 20 و25 في المائة فقط من بين 136 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا منذ امتنعت تركيا عن منعهم من الرحيل.
وبخلاف الرغبة في مستقبل أفضل يعتقد المهاجرون من أمثال عباسي أن لديهم سبباً وجيهاً آخر للتظاهر بأنهم سوريون.
ففي ألمانيا، التي تمثل مع السويد الوجهة المفضلة في أوروبا بين المهاجرين، يحصل كل السوريين تقريباً على شكل ما من أشكال الحماية ويُسمح لهم بالبقاء. غير أن الرفض مصير أكثر من 20 في المائة من طالبي اللجوء الأفغان.
وقال مرغي القادم من مدينة إدلب في شمال سوريا: «الكل هنا يريد مستقبلاً أفضل». وأضاف: «لكن الناس الذين لهم بلد يعودون إليه عندهم رفاهية لا نقدر سوى على الحلم بها… سوريا انتهت».
وبدأت منذ أول ساعات يوم (الجمعة) الماضي هدنة أعلنها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان إثر لقاء طويل جمعهما في الكرملين، في محاولة لوضع حد لهجوم تتعرض له إدلب السورية منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول)، دفع بنحو مليون شخص إلى الفرار، في أكبر موجة نزوح منذ بدء النزاع قبل تسعة أعوام.
نقلا عن الشرق الأوسط