“خرجنا للعمل في منظمات تدعي أنها إنسانية ، ولكن للأسف لا تعلم من الإنسانية سوى الشعارات والصور ، أجور عملنا لم نستلمها من 5 أشهر، نعمل لساعات متواصلة من الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءً ، جسدنا لم يعد يقوى على التحمل، كما أنه لم يعد لنا قوة على تحمل الإذلال الذي نتعرض له من قبل المسؤولين عنا في هذه المنظمات”.
هذا ما قاله “محمد” عن معاناته في العمل لدى إحدى المنظمات التي يعمل بها والتي تقدم المساعدات للمواطنين السوريين بمختلف المناطق في داخل سوريا ودول الجوار لها.
محمد هو واحد من مئات العاملين في المنظمات الموجودة في تركيا و التي تعنى بالشأن السوري، والتي تسعى إلى توظيف عدد كبير من العمال بهدف تشغيل اليد العاملة السورية، والمساهمة قدر المستطاع بتأمين دخل للمواطن ” على حد اعتبار هذه المنظمات”.
لقد كان لتركيا النصيب الأكبر في استضافة المنظمات الإنسانية المهتمة بالشأن السوري، ويعود ذلك إلى كونها حدودية مع سوريا من جهة الشمال، حيث يقارب عدد المنظمات فيها أكثر من 200 منظمة، تتركز بشكل كبير في عينتاب وأورفا و أضنة وهاتاي، إضافة إلى منظمات تم إنشاؤها في المناطق الشمالية من الاراضي السورية وذلك لصعوبة توصيل المساعدات من المعابر الحدودية ، حيث تقوم هذه المنظمات بنشاطات مختلفة سواءً في الداخل أو في تركيا .
وعلى الرغم من اعتماد هذه المنظمات على الأيدي العاملة السورية بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من الصورة الاعلامية البراقة التي تظهر بها إلا أن هذه المنظمات تعاني مشاكل إدارية كثيرة ، وقصور كبير في تأمين الحقوق الدنيا للعاملين لديها، كما أن الكثير من هذه المنظمات والمؤسسات تعمل بشكل غير قانوني ” وذلك بالرغم من التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية”، حيث يوجد العديد من العقبات التي تمنعها من تسجيلها مثل : عقبة النفقات الاولية اللازمة للتسجيل، إضافة إلى حاجة المنظمات لدفع الضرائب و لتقديم تقارير للحكومة التركية عن أعمالها في حال تم تسجيلها.
ولا بد من التنبه أن عدم تسجيل المنظمة له مساوئ، فذلك الامر يجعل المتبرعين يكونون في حذر دائم من تحويل الأموال إلى حسابات شخصية، إضافة إلى أن المؤسسات الدولية لن تقبل التعامل مع منظمات غير مسجلة ومرخصة .
ولا بد لهذا الامر من أن يكون له تأثير على المواطن ، حيث أن عدم تسجيل المنظمة يجعلها تتملص من مسؤوليتها والتزاماتها تجاه موظفيها، كما أنه يمكنها من التهرب من أجور العمال، وعدم حصولهم على تأمين صحي ، إضافة إلى طول ساعات العمل مع راتب لا يتناسب مع وقت العمل ولا الجهد المبذول، كما أن أغلب المسؤولين في المنظمات يتعاملون مع موظفيهم معاملة سيئة ( بالمنية).
حيث يقول خالد وهو عامل في منظمة انسانية:” إنه يعمل بما يتجاوز 14 ساعة، وأنه عندما طالب بأجره قوبل ذلك بالرفض والتخوين ومحاولة لطرده من العمل، وهو يعتبر أن المنظمات أصبح هدفها الأساسي هو الحصول على الدعم المادي والمالي، وكذلك أيضا الظهور الاعلامي الكبير للتأثير بالرأي العام وذلك من أجل التأثير بالقرار السياسي فيما بعد، حيث أن ذلك الامر من مساوئ المنظمات حيث يظهر فيها التوجه السياسي و الديني بشكل واضح ، وحيث يكثر سؤال ” مع من انت ، او من أي جماعة أنت ” وكذلك فان الواسطة والعلاقات الشخصية تدخل كثيراً في عمل المنظمات ، وهذا الأمر يؤدي إلى شغل بعض الأشخاص غير الأكفياء بعض المناصب دون التمتع بقدرات او امكانيات”.
وعلى الرغم من هذا كله ألا انه لا يوجد حتى اللحظة بوادر لأي حل، ولا يوجد أي نقابة أو شكل تنظيمي يحمي حقوق العمالة السورية ويمنع استغلالها، ولا بد من الإشارة إلى أن المنظمات تنتهك حقوق الإنسان ضمن بيئة العمل، وتحاول استغلاله إلى أقصى حد، وهذا يتطلب خلق آلية مراقبة سواء من الدولة التي يتم حصول هذه الانتهاكات على أرضها ،ممثلة بالحكومة التركية و أي حكومة أخرى.
باريزان اليوسف
المركز الصحفي السوري