قالت المعارضة السورية المسلحة يوم الأربعاء إنها تتعرض لهجوم ضار من القوات الحكومية قرب الحدود التركية رغم اتفاق وقف العمليات القتالية وألقى ممثل للمعارضة بظلال من الشك حول إمكانية انطلاق محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الموعد المقرر لها في التاسع من مارس آذار.
ودخل اتفاق وقف العمليات العسكرية الذي صاغته الولايات المتحدة وروسيا حيز التنفيذ يوم السبت الماضي وساهم في إبطاء وتيرة الصراع لكن دون إيقافه تماما. وتتبادل الحكومة والمعارضة المسلحة الاتهامات بخرق الهدنة.
ولا يشمل الاتفاق تنظيم الدولة الإسلامية ولا جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا وهما متوغلان بكثافة في مناطق تسيطر عليها المعارضة.
وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن محاولة جديدة في محادثات السلام ستبدأ في التاسع من مارس آذار في جنيف ودعت أطراف الصراع للعمل على صمود اتفاق وقف الأعمال القتالية ليتسنى لها الجلوس إلى مائدة التفاوض.
لكن المعارض البارز جورج صبرا قال إن المواعيد المحددة لاستئناف المفاوضات ستظل “فرضية” ما لم تحقق الهدنة مطالب إنسانية منها الإفراج عن معتقلين لدى الحكومة.
وقال صبرا لتلفزيون العربية الحدث يوم الأربعاء “ما لم تساعد الهدنة على تنفيذ هذه البنود (من قرار الأمم المتحدة) تبقى جميع المواعيد لاستئناف المفاوضات مواعيد فرضية.”
وقال البيت الأبيض إنه رصد تراجعا في الضربات الجوية ضد المعارضة والمدنيين في سوريا خلال الأيام الماضية لكنه عبر عن القلق بشأن ما تردد عن هجمات للقوات الحكومية بالدبابات والمدفعية.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن على علم أيضا بتقارير عن احتمال استخدام الحكومة السورية لأسلحة كيماوية. وأضافت الوزارة أنها لا تستطيع تأكيد تلك التقارير لكنها محل تحقيق. وقالت إسرائيل أمس الثلاثاء إن القوات السورية أسقطت براميل من الكلور على المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية.
ولم يرد أي تعليق فوري من دمشق التي تنفي خرق بنود الهدنة.
وتضغط المعارضة لضمان وصول كامل للمساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها ولإطلاق سراح المعتقلين وهما شرطان اشتمل عليهما قرار لمجلس الأمن صدر في ديسمبر كانون الأول الماضي.
ويقول مسؤولون بالمعارضة إن الزيادة في إرسال المساعدات لم تتحقق بالشكل المطلوب.
وقال مسؤول أمريكي رفيع إن بلاده تتعاون مع روسيا لتسهيل الوصول للمناطق المحاصرة في سوريا ومنع الحكومة السورية من استبعاد الإمدادات الطبية من قوافل المساعدات.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها سلمت إمدادات طبية لمنطقة المعضمية المحاصرة اليوم الأربعاء بعدما أوردت أن بعض الأدوية أبعدت من شحنة مساعدات سابقة.
* “عملية تنطوي على تحد”
كان الرئيس السوري بشار الأسد قال في مقابلة بثت يوم الثلاثاء إن المسلحين خرقوا اتفاق الهدنة منذ اليوم الأول وإن الجيش السوري يمتنع عن الرد ليمنح فرصة لصمود الاتفاق لكنه حذر من أن لذلك حدودا.
وبسبب الغارات الجوية الروسية التي بدأت قبل خمسة أشهر انقلبت دفة الصراع رأسا على عقب في صالح الأسد في الصراع الذي بدأ قبل أكثر من خمس سنوات وتقدر الأمم المتحدة قتلاه بنحو ربع مليون شخص وخلق أزمات لجوء في دول الجوار وفي أوروبا.
وقال أنتوني بلينكن نائب وزير الخارجية الأمريكي إن قوى عظمى وإقليمية تراقب الوقف الهش للأعمال القتالية الذي بدأ تطبيقه يوم السبت “لمنع أي تصعيد” لكنها “عملية تنطوي على تحد”.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي “أفضل ما يمكن أن يحدث هو أن يطبق وقف الأعمال القتالية فعليا وأن يكون مستداما وأن تصل المساعدات الإنسانية ثم تبدأ المفاوضات من أجل الانتقال السياسي.”
وبينما يتحدث سكان بعض المناطق السورية عن فترات هدوء غير معتادة يقول المعارضون إن القوات الحكومية مدعومة بغطاء جوي روسي واصلت هجماتها في مناطق ذات أهمية استراتيجية في شمال غرب سوريا.
وتقول الحكومة السورية إنها لا تنفذ إلا القليل من العمليات العسكرية في تلك المناطق حيث تختلط قوات جبهة النصرة بفصائل أخرى تحت راية الجيش السوري الحر الذي وافق على هذا الاتفاق.
وأفاد مسؤول من المعارضة وكذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات الحكومية هاجمت معارضين مسلحين في محافظة اللاذقية قرب الحدود التركية يوم الأربعاء.
وقال فادي أحمد المتحدث باسم الفرقة الأولى الساحلية التابعة للجيش السوري الحر إن القوات الحكومية جلبت تعزيزات للمعركة وإن القتال محتدم بنفس الوتيرة التي سبقت بدء سريان اتفاق الهدنة.
واعتبرت الحكومة السورية مدعومة بقوات إيرانية ومقاتلين من حزب الله اللبناني أن تأمين الحدود التركية يمثل أولوية وهي مناطق تحصل من خلالها فصائل المعارضة على إمدادات من الأسلحة من دول تطالب برحيل الأسد عن السلطة.
وتطل المناطق التي تشهد معارك حاليا في اللاذقية على بلدة جسر الشغور في محافظة إدلب القريبة وعلى سهل الغاب وهي منطقة حقق فيها المعارضون تقدما العام الماضي اعتبر تهديدا متناميا للأسد.
وقال قيادي معارض في شمال سوريا إن المعارك متواصلة في مناطق محورية تريد القوات الحكومية السيطرة عليها وأضاف أنها مناطق لم تشهد أي هدنة منذ البداية. وكان يشير إلى مناطق في محافظات اللاذقية وحمص وحماة.
وقال المرصد السوري إن القتال استعر مرة أخرى في حلب بين المعارضين وتحالف يشمل وحدات حماية الشعب الكردية.
وأفاد تقرير لمعهد دراسات الحرب أن الغارات الروسية الداعمة للقوات الحكومية السورية أصابت عددا من المناطق في محافظات حلب وإدلب وحمص وحماة منذ بدء سريان الهدنة.
وبينما تخوض وحدات حماية الشعب الكردية معارك ضد فصائل سورية معارضة في محافظة حلب فإنها تقاتل أيضا تنظيم الدولة الإسلامية بدعم من تحالف تقوده الولايات المتحدة في شرق البلاد. وقالت الوحدات اليوم الأربعاء إن 43 من عناصرها قتلوا في هجوم للدولة الإسلامية على مدينتين قرب الحدود التركية في مطلع هذا الأسبوع.
رويترز