تعلق المعارضة السورية آمالا كبيرة على مؤتمر الرياض الذي سيعقد الثلاثاء والأربعاء القادمين ليس فقط للاتفاق على قائمة الذين سيشاركون في مفاوضات مع النظام، ولكن للخروج بموقف موحد يطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد قبل المضي في ترتيب المرحلة الانتقالية، وقبل أي التزام بالمشاركة في المعركة ضد داعش.
وقالت مصادر مقربة من المعارضة إن الجهات السعودية التي تولت تقديم دعوات الحضور لأكثر من 80 معارضا حرصت على تأكيد ضرورة المرونة في التعاطي مع مصير الأسد مراعاة للتطورات التي يشهدها الملف السوري خاصة بعد التدخل العسكري الروسي، والاتجاه الدولي الذي يعطي أولوية للحرب على الإرهاب.
ورغم أن مسؤولين سعوديين طالما شددوا على ضرورة رحيل الأسد، إلا أن مراقبين لا يستبعدون أن تدفع الرياض قادة المعارضة الذين ستستضيفهم إلى عدم الرفع من سقف مطالبهم بخصوص التنحي الفوري للأسد، وأن ذلك لم يعد متاحا الآن خاصة بعد اعتداءات باريس في 13 نوفمبر الماضي.
وتراجعت فرنسا عن مطلبها طيلة الأربع سنوات الماضية بتنحي الأسد، وأصبحت تحث على إشراك قواته جنبا إلى جنب مع قوات معارضيه في الحرب على داعش.
وتخلت دول غربية أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا عن المحاذير التي كانت ترفعها في وجه الأسد، ولم تعد تفكر سوى في حشد العالم كله للحرب على التنظيم المتشدد ومنع وصول المقاتلين المتشددين إليها.
وتعترض رغبة المعارضة في الدعوة إلى تنحي الأسد عقبة أساسية، وهي أن روسيا أصبحت اللاعب الذي بحوزته أهم أوراق الحل عسكريا وسياسيا، وأن تصريحات الولايات المتحدة التي تتحدث عن ضرورة رحيل الأسد لا تعدو أن تكون مجرد موقف لتسجيل الحضور ورفع الملام.
ولم يعد الموقف الروسي يقلق المعارضة لوحدها، فحتى حلفاء الأسد الآخرون صاروا منزعجين من هذا الدور، فإيران لم تعد تخفي قلقلها من استيلاء الروس على ما حققته من مكاسب وآخرها قاعدة الشعيرات (وسط) التي تقول تقارير إن القوات الروسية طلبت من الإيرانيين مغادرتها لتشرع في ما بعد بإدخال تحسينات عليها لتصبح قاعدة روسية ثانية بعد حميميم في اللاذقية (غرب).
ولا ينتظر السوريون وحدهم نتائج مؤتمر الرياض، فالأطراف الدولية المتدخلة في الملف السوري تدفع إلى إنجاحه حتى يرتبط حضور المعارضة إلى نيويورك بموقف موحد تجاه القضيتين الأساسيتين، أي التسوية السياسية، والمشاركة في الحرب على داعش.
ويلتقي عشرات الممثلين عن المعارضة السورية في العاصمة السعودية في الثامن والتاسع من الشهر الحالي في مؤتمر يهدف إلى الاتفاق على رؤية مشتركة يحملونها إلى مفاوضات نيويورك.
وكشف منذر اقبيق عضو الائتلاف السوري المعارض في تصريح لـ”العرب” عن أن المؤتمر سوف “ينتج وثيقة سياسية تؤكد على اتفاق الجميع على القطع الكامل مع حقبة الاستبداد وتحدد أسس الانتقال السياسي في سوريا”.
وأضاف أنه من المحتمل أن ينتخب المؤتمر هيئة تنفيذية تتولى الاضطلاع بمهام التفاوض مع النظام لتنفيذ بيان جنيف.
واعتبر عضو الائتلاف المعارض أن موافقة روسيا على مخرجات المؤتمر وتعاونها في إجراءات وقف إطلاق النار والانتقال السياسي هي أمور هامة جدا وأساسية لوضع البلاد على طريق الحل.
وقال مراقبون إن المعارضة السورية، بمختلف مجموعاتها، لم يعد أمامها من خيار سوى التفاعل الإيجابي مع الأفكار التي تبناها المجتمعون في فيينا بعد أقل من 24 ساعة من اعتداءات باريس.
وكانت 17 دولة بينها الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران، تبنت في اجتماع فيينا الشهر الماضي خارطة طريق لعملية انتقال سياسي في سوريا حددت جدولا زمنيا ينص على عقد لقاء بين ممثلي المعارضة والنظام، وتشكيل حكومة انتقالية خلال 6 أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس أن الاجتماع الدولي المقبل للبحث عن حل سياسي للنزاع السوري، سيعقد في نيويورك وليس في فيينا التي استضافت الاجتماعات السابقة.
وقال “نعمل على إطلاق مبادرة في بداية يناير تشمل في آن واحد محادثات سياسية بين السوريين ووقفا لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا”.
لكن مراقبين يقولون إن المبادرة ستضم جانبا آخر يتعلق بتسريع التنسيق الأمني والتدريبات المشتركة بين المجموعات المعتدلة وقوات نظامية استعدادا لتنسيق ميداني في الحرب على داعش بقطع النظر عن النسق الذي ستسير به العملية السياسية وبوجود الأسد أو دونه.
العرب