تعقد مجموعة دعم سوريا، اليوم الجمعة، اجتماعا جديدا في نيويورك، بعد ضمان الولايات المتحدة الأميركية مشاركة روسيا به.
وهذا اللقاء هو الثالث بعد لقاءين تم عقدهما في العاصمة النمساوية فيينا خلال شهر نوفمبر الماضي، ويأتي في ظل هواجس المعارضة من تنازلات قد تقدم عليها الولايات المتحدة لصالح روسيا، خاصة في علاقة بتوسيع دائرة وفد المعارضة ليضم أطرافا من الداخل وأيضا الأكراد، فضلا عن التراجع عن رحيل الأسد.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد زار الثلاثاء الماضي موسكو حيث التقى بالرئيس فلاديمير بوتين ونظيره سيرجي لافروف، ليعلن عقبه الأخير أن بلاده “تؤيد فكرة عقد مؤتمر جديد للمجموعة الدولية لدعم سوريا في نيويورك على المستوى الوزاري”.
وبدت موسكو الأسبوعين الماضيين مترددة بشأن حضورها في الاجتماع، على خلفية الموقف الأميركي المتذبذب حيال سبل حل الأزمة السورية، فضلا عن رفض الكرملين لنتائج مؤتمر المعارضة الذي جرى مؤخرا بالرياض.
وكان المؤتمر الذي ضم طيفا واسعا من المعارضة بشقيها العسكري والسياسي قد انتهى باتفاقين الأول تشكيل لجنة عليا للتفاوض في مرحلة لاحقة مع النظام والتي اختارت الخميس رياض حجاب المنشق عن الأسد رئيسا لها، والثاني الاتفاق على رحيل الأسد مع انطلاقة المرحلة الانتقالية.
وانتقدت موسكو آنذاك عملية إشراك من وصفتهم بـ”الإرهابيين” في المؤتمر في تلميح إلى جيش الإسلام وحركة أحرار الشام، وأيضا مسألة الخوض في مصير الأسد الذي تتشبث بأنه “من شأن الشعب السوري فقط”.
نقطة أخرى جعلت موسكو مترددة إزاء المشاركة في مؤتمر نيوروك، وهي عدم تنفيذ شروطها في ما يتعلق بوضع قائمة نهائية بالجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا في ظل الاختلاف الحاصل على مفهوم “الإرهاب”، وأيضا مسألة التنسيق معها في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك مسألة تحديد كيفية وقف إطلاق النار.
ويكاد يجمع المحللون على أن كيري حمل في جعبته الكثير ليقدمه إلى موسكو خلال زيارته الأخيرة وهو ما عكسته التصريحات التي بدت متفائلة من كلا الجانبين، وإسراع موسكو للقبول بحضور اجتماع نيويورك التي كانت تنظر إليه إلى وقت غير بعيد بأنه غير ذي معنى.
وقال أمس الخميس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، “هل لدينا خطة (لتسوية النزاع في سوريا)؟ نعم. وفي معظم جوانبها تتوافق مع الخطة التي عرضها الأميركيون”.
وبعد أن كرر الرئيس الروسي، في مؤتمره الصحفي السنوي، أن مصير بشار الأسد يجب أن يقرره السوريون بأنفسهم، دعا دمشق إلى قبول ما سيتقرر في الأمم المتحدة “حتى وإن كان من المحتمل ألا يروق لهم”.
وأوضح بوتين “يجب تقديم تنازلات من قبل الطرفين” داعيا إلى آلية “شفافة” تساعد السوريين على تنظيم اقتراع ديمقراطي لانتخاب رئيس.
ويتوقع محللون، أن يكون بوتين قد أقنع واشنطن بأن صندوق الانتخابات سيكون المحدد لمصير الأسد، الأمر الذي ترفضه المعارضة وبعض الدول الإقليمية بشدة خاصة وأنها تعتبر أن الرئيس السوري هو عنصر من الأزمة وليس الحل.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد صرح في وقت سابق أنه “من غير المقبول” رهن التقدم باتجاه تسوية سياسية في سوريا بمصير الرئيس السوري بشار الأسد.
وأوضح في مؤتمر صحفي “مبدئيا يعود إلى الشعب السوري اتخاذ قرار بشان مستقبل الرئيس الأسد لكني أعتقد أيضا أنه من غير المقبول أن يرتهن حل هذه الأزمة بمصير رجل واحد”.
وأشار إلى أن “بعض الدول” تتحدث عن إمكانية أن “يحتفظ (الرئيس الأسد) بدور لبضعة أشهر” بعد بداية المرحلة الانتقالية “لكن هذا ينبغي أن يتقرر في مرحلة تالية”.
تصريحات بان كي مون لا تزيد المعارضة ارتياحا بل على العكس، وليس هذا الجانب الوحيد الذي يلقي بظلاله على الأخيرة، فهناك مسألة توسيع دائرة الوفد الذي سيحاور النظام ليشمل أطرافا تعتبرهم مقربين من دمشق.
وكانت قوى سياسية وحزبية من الداخل غير معروفة قد قدمت لائحة إلى الأمم المتحدة للمشاركة في وفد المعارضة، وتم قبول خمسة منهم إلا أن النظام يضغط بشأن ترفيع عددهم.
وليس هذا ما يشغل بال المعارضة والدول الإقليمية وبخاصة تركيا فقط، في ما يتعلق بمسألة الوفد الذي سيحاور النظام، فهناك تمسك روسي واضح بحضور الأكراد.
وتشهد العلاقة بين تركيا وروسيا توترا كبيرا، وقد اعتبر بوتين في تصريحاته أمس أن لا مجال لعودة العلاقات كما كانت.
ويرى متابعون أن روسيا وعلى ضوء أزمتها مع أنقرة ستشدد على مشاركة الجانب الكردي العدو اللدود لأنقرة.
والأكراد يعتبرهم الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية حجر اساس في مواجهة داعش، بيد أن الأخيرة وعندما تتعلق المسألة بالتسوية السياسية تتريث في التعبير عن موقفها إزائهم، خشية إغضاب تركيا.
ويتوقع محللون أن تقبل واشنطن في الأخير بالمقترح الروسي القاضي بضمهم (الأكراد) للمحادثات، ومن المرجح أن يقع التوافق على ذلك في مؤتمر نيويورك.
كما من المرجح أن يتم الإعلان عن تنسيق التحالف الدولي مع روسيا لضرب داعش، وهو الأمر الذي لطالما رفضته واشنطن التي حصرت التنسيق فقط في منع الاصطدام الجوي مع روسيا في مجال سوريا المكتظ.
ويقوم وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الأحد والاثنين بزيارة لموسكو للتحدث عن “تنسيق” في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا حسب ما أعلنت وزارة الدفاع الخميس.
وقال المتحدث باسم الوزارة بيار بايل خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي “في 20 و21 ديسمبر يزور لو دريان روسيا للبحث في سبل التنسيق لمحاربة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)”.
وأضاف “يندرج ذلك في إطار الجهود الدولية الرامية لتعزيز التحالف ضد داعش”.
وهذه الخطوة “تشرعن” عمليات موسكو العسكرية، وفق المعارضة التي لا تنفك تتهم روسيا بالسعي لاحتلال سوريا وضرب المعارضة المعتدلة.
صحيفة العرب