متضررون من الزلزال لا شيء وصلنا حتى الآن … والخيمة سعرها 250 دولار أمريكي..
بين الفوضى والمحسوبية وتناحر الفصائل، بات مصير أهالي الشمال السوري تحت رزح عذاب آخر، تتمة لفصل آخر من فصول رحلة العذاب والتهجير السوري منذ سنوات، فبعد زلزال قضى فيه عزيز وغال، للكثير من الأسر في الشمال السوري، هاهي صفحة جديدة تكتب عن معاناة أخرى.
فلا أذن تسمع ولا يد تمتد لتمسح دمعة أو تجبر كسر، ما بين السرقات والعشوائية مصير الآلاف من الأسر مازال مجهولاً، في شوارع مدمرة وأزقة كان فيها أهلها قبل أيام، ولكن ليس بعد الآن.
( لحد هلق ما وصل إلا مساعدات من أشخاص، وما في منظمات وزعت إلا من الجمل إدنو)
هذا ما قاله (أبو عبيدة الغاب) أحد أهالي زقاق 98 في حي صلاح الدين، أحد أكثر الأحياء المتضررة من زلزال جنديرس، والتي كانت أكثر المناطق الشمالية تضرراً بفعل زلزال سوريا.
وأضاف لم يصل من المساعدات سوى بعض الأكياس من المساعدات الغذائية، بينما لم يتم توزيع أي خيم أو فرش أو أغطية ( إلا النذير اليسير) لكل المتواجدين من أهالي الحي والبالغ عددهم 50 عائلة، وقال: إن المتنفذين والمسؤولين باتوا يكيلوا المساعدات حسب مكاسبهم الشخصية، موضحاً أنه مازال هناك بعض الشرفاء الذين لا يستطيعون عمل شيء في ظل التحكم من قبل بعض الفصائل والتي فرضت سيطرتها على المساعدات.
وقال أبو عبيدة الغاب: إن كل الجهات المعنية قد تآمرت علينا، وهناك الكثير من تجار الحروب والدم والكوارث التي باتت تزيد أوجاع السوريين في المناطق المنكوبة، وأردف أنه استطاع الخروج وعائلته بسلام، إلا أن البيوت في الحي قد تضررت بشكل بالغ ولا يستطيع الأهالي العودة إليها موضحاً أن العائلات بحاجة للخيام والمساعدات بشكل فوري، إلا أنه ليس من مجيب حتى الآن.
بينما أوضح محمد جسرية ( الخال) 60 عاما – وهو من وجهاء جنديرس، أنه لم يتم استلام ووصول أي منظمة للحي، و أكد أن الأهالي لم تتلق أي مساعدات من أي جهة رسمية، وأضاف بأن المساعدات اقتصرت على بعض الإعانات الشخصية من المدنيين، من مناطق منكوبة أخرى مثل الباب وإعزاز وبعض المناطق المحيطة.
أما( الشيخ أبو صبا) من سكان الحي فقد أوضح أن المساعدات الفردية كانت هي المساعدات الوحيدة التي وصلت، وأضاف أنه قد وصلت بعض المساعدات من فرق الدفاع المدني، وبعض الفصائل المتواجدة في الحي بشكل فردي، وأنه ما من قافلات دولية دخلت إلى مدينة جنديرس، وأن ما تم تداوله والتصريح عنه من بعض الصحفيين والنشطاء لا صحة له مطلقاً.
و قال: إن الإعانات باتت تتوجه حسب مساعي بعض الفصائل باتجاه مناطق معينة دون أخرى وتوزع فيها بشكل مضاعف وهكذا في كل المناطق حسب الفصيل المسؤول، أيضا يتم توزيع المساعدات لشخصيات نافذة على حساب الأهالي الذين يعانون الأمرين منذ سنوات و تضاعف ذلك مع الزلزال، وأن هناك بعض المتنفعين باتوا يأتون للمنطقة من أجل الحصول على بعض الإعانات، وبات الأهالي ينتظرون كل هؤلاء كي تصلهم المساعدات كغيرهم.
وفي مقطع مصور تم إرساله للمركز الصحفي السوري، قالت ( أم علي ) وهي من إحدى العائلات من مهجري غوطة دمشق، أنه لم يتم إرسال أي مساعدة، و أن المخيمات القديمة باتت تأخذ حصصاً من المساعدات التي تصل للمتضررين بالزلزال، وأضافت أنها تعيش في الحي منذ سنوات مع أخيها وأولاده، إلا أن منزل الأخ قد هدم بالكامل وأن أطفاله ينامون عندها دون أي مساعدة وقالت: ( كان في توزيع لربطات الخبز بس هلق من تلت أيام ما في توزيع لشي ).
ويعتبر الحي من الأحياء الفقيرة والأكثر تأثراً، حيث يضم الكثير من النازحين من مناطق أخرى كسهل الغاب وحما وحمص وغيرها منذ سنوات، و راح ضحية الزلزال في الحي العشرات بين رجال ونساء وأطفال، عدا الجرحى والمصابين.
ووجه سكان الحي أصابع الاتهام نحو من يوزع الإعانات، فقد تم بناء مخيم بشكل صوري لفترة ثم تم إزالته بعد تصوير المخيمات، عدا عن توزيع إعانات غذائية في بعض الأحياء كي يتم تصويرها بشكل متعمد من أجل المزيد من السرقات على حساب الشعب المكلوم.
وقد توجه الأهالي للحصول على المساعدات، من المجلس المحلي المسؤول عن المنطقة، وتم تحويلهم لمنظمة ( شفق ) الموكلة بتسجيل بيناتهم وتوزيع المساعدات، إلا أن المنظمة أكدت لهم أن المندوب توقف عمله مع المجلس بسبب خلاف بين المندوب الموكل والمجلس المحلي، بينما أصبح مصير أهالي الحي معلقاً بين المنظمة والمجلس حتى يتم حل النزاع.
إلا أن هذا المصير المأساوي ليس حصراً في أهالي أحياء جنديرس وحدها فقد تم الاتصال بالكثير من النشطاء والجهات المختصة عن المساعدات، في عدد من المناطق في حارم وريفها و سلقين وريفها ودير بلوط و الشيخ حديد وغيرها من المناطق، لإرسال مساعدات عاجلة لعائلات منكوبة، بينما تم تجاهل الاتصالات.
( عبد الحميد) 33عاما أحد المتضررين من الزلزال في جنديرس، نزح إلى (دير بلوط )حيث يقيم حاليا مع ثلاثين شخصا في مكان واحد، وقد توجه أكثر من مرة لمخيمات الإيواء للحصول على أربع خيام ولكن لم يستطع.
ويوضح عبد الحميد أن لديه أخت تعاني من ضمور دماغي بحاجة لمساعدات كثيرة إلا أن المساعدات كانت لا تغني ولا تسمن من جوع، ويواصل ٫أنه حاول البحث عن غرفة للإيجار فتفاجأ أن إيجار غرفتين 1000 دولار، وبعد التخفيض ومراعاة للوضع طلب صاحب المنزل 700 دولار! و أضاف أنه مازال يناشد جميع من يستطيع تأمين سكن أو خيمة للإيواء من أجله وعائلته، ولكن ما من أحد!.
وفي رد له بالسؤال عن مصير المساعدات وسبب التقصير في إيصالها، لبعض المسؤولين في المجالس المحلية، وكانت الردود بالنفي من قبل مسؤولين في مجالس محلية وجهات معنية، حيث تم الرد بأن هناك الكثير من المساعدات وأن هذه ما هي إلا ادعاءات كاذبة، وغير صحيحة، بينما لم يتم التصريح عن إحصائيات أو أعداد للعائلات والمناطق التي تم توزيع المساعدات فيها.
و في حديثنا مع ( محمد حداد ) مندوب وموظف منظمة ( بنفسج ) أوضح أنه ما من منظمة واحدة تعمل على المساعدات، بل هي جهات عديدة تعمل على التنسيق فيما بينها في إرسال المساعدات، وأضاف أن الطريقة الوحيدة التي يمكن مساعدة الأهالي بها هي عبر المجالس المحلية والمندوبين الذين يتم تسجيل البيانات لديهم، حيث يتم من خلالها إرسال المساعدات، وقال إن المناطق التي تم فيها التوزيع هي مراكز الإيواء والمخيمات المنشأة حديثاً، وتم توزيع المساعدات للجميع، ولكن قد يكون هناك أهالي لم تتم وصول المساعدات إليهم.
و بين صراعات الفصائل، وتناطح أهل القرار، وتسويف المنظمات، مازال مصير الأهالي في الشمال السوري تحت وطأة رحمة من لا يرحم، والسؤال المطروح هل نحتاج لزلزال ضمائر، أم أنه لم يعد شيئاً يوقظ الموتى؟!!.
قصة خبرية/ زهرة محمد