المسبحة أو السبّحة مذكرة قلوب الأتقياء، زينة في يد الشباب، تراث تناقلته أياد السوريين “كابر عن كابر”.
روحانيات
أبو أحمد رجل سبعيني متفرّد بمشيته وبوقاره، بكامل هيبته، بغطاء الرأس الأبيض ” المركزيت” يدّق بعكازته زقاق نزلة “العيّاشي” قاطعا شارع الجلاء في مدينة إدلب صوب جامع الحمصي، ممسكاً مسبحته العقيق الحمراء، تدلّى منها شرّابات الفضّة بنقش القسطنطينية، يقف على باب الجامع، بهزّ مسبحته قبل خطوات، يناجي بلهجةً تفتح في قلبك مصاريع السماء، “سبحانك لا إله إلا أنت، إنّي من الظالمين”، يضع مسبحة العقيق في جيبه، بعد أن يتأملها برهة قصيرة، وكأنّه يقرأ في حبّاتها تجليات ابن العربي، ويلمح ثياباً مولويّة.
تراث متناقل:
يقول محمد، شابٌ في العقد الثالث، يعمل في الخياطة، ويضع على طاولة العمل مسبحة “عظم” سماوية اللون، رصّعت حباتها الصغيرة، بسلك فضيّ دائري، دفع لي تاجر في هذه المسبحة خمسة وسبعين دولار أمريكي، رغم حاجتي للمبلغ الذي يعادل راتب شهر في عملي، إلا أنّ هذه المسبحة لها وقع خاص في قلبي، أبي حمّلني إياها عن أبيه، وقال يومها”كان جدّك مختار القرية، ولهذه المسبحة مكانة خاصّة في قلبه، أهداه إيّاها شيخ من مشايخ منطقة الغاب، بعد أن شاركه في حلّ نزاع أهلي في قرية قريبة منّا”.
تجارة قديمة موسميّة تعود يوميّة:
وفي لقاء آخر مع التاجر أبو محمد، يقول “كانت تجارة المسابح تتبع لمحلات بيع الإكسسوار قديماً، تجارة موسميّة، يبتاعها الحجّاج كهدايا بعد موسم الحجّ، ازدهرت تجارتها بعد2013 تقريباً، وصار لها محلّات خاصّة أو مشتركة مع الفضيّات، كنت أعمل في بيتي وبين معارفي أبيع واحدة وأشتري غيرها، اليوم عملي في محلي، الراغبون بالمسابح كثر، بين قاني، وتاجر، وغاوي، ومن يستخدمها كمسبحة لذكر الله”.
موهبةٌ فريدةٌ لمهجرٍ في اقتناء الخواتم والمسابح والتجارة بها
أذواق شخصيّة:
هناك أصناف كثيرة في السوق، والأكثر شيوعاً الشعبيّة، وهي صناعة صينيّة من البلاستيك، أمّا الأنواع الثمينة فأغلبها ألماني، مثل العقيق وقد يصل سعر الواحدة لمئة دولار، والعظم، واليسر،والكهرمان الألماني، وهناك أنواع مصريّة تحمل ذات الأسماء، وقريبة لها بالحبّات ولكنها بجودة أقل وسعر أقل، وعلى العموم الأسعار حسب رغبة الشاري.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/902611191129318
وأحياناً تباع مسبحة بأضعاف سعرها الحقيقي، وذلك يعود لرغبة شخص بلون وحجم مسبحة في يد شخص آخر فيدفع أضعاف ثمنها.