يعتبر المراقب العام لجماعة «الاخوان المسلمين» في سوريا الدكتور محمد حكمت وليد أن عدم استمرار المعارضة في المحادثات المقررة في 11 نيسان/أبريل، عقب التصريحات الروسية الأخيرة، وما اعتبرته من أن رحيل الأسد لا يمكن أن يكون شرطاً مسبقاً لمواصلة المفاوضات، حلاً يحقق متطلبات الشعب السوري. وأضاف أن معركة المسار التفاوضي لا تقل أهمية عن المعركة الميدانية والإعلامية، وجميع المسارات تحتاج إلى عمل وتخطيط ووعي.
لكن وليد في الوقت ذاته قال: «نحن نشعر أن الأداء العام للهيئة العليا للتفاوض مرتبك ومقلق، وسوف نختار القرار المناسب، لاتخاذ أي مسار بخصوص هذا الشأن». وأضاف في حديثه الخاص لـ»القدس العربي»: أن الجماعة «ما زالت تراقب تطورات المسار التفاوضي بكل تفاصيله، حتى يفضي المسار إلى تحقيق أهداف الثورة، من خلال عملية انتقال سياسي، لا وجود للأسد وأركان حكمه ومن تلطخت أيديهم بالدماء فيه».
وكبديل عن الحل السياسي في حال فشلت المفاوضات، رأى وليد المنتخب خلفاً للمراقب العام للإخوان المسلمين السابق محمد رياض الشقفة، «أن فشل المفاوضات لا يعني البتة انتهاء الثورة». وقال «الثورة مستمرة بكل أشكالها وهي تسير في خطوط متوازية، والحل العسكري ما زال مستمراً، وجموع الشعب السوري في مختلف المناطق المحررة ما تزال تحتشد كل يوم تعبيراً عن إصرارها على تحقيق متطلباتها».
وبعد أن وصف المراقب العام علاقة جماعته بالرياض المحكومة بحسن الظن فيما بين الأشقاء بـ»الجيدة جداً»، رفض الحديث المتداول عن استبعاد مؤتمر الرياض للإخوان المسلمين عن دائرة صنع القرار. وقال «نحن ممثلون في مؤتمر الرياض، ونؤدي دورنا كما كنا نؤديه في كل تشكيلات الثورة وما انبثق عنها. وعبر عن اعتقاده بأن مؤتمر الرياض كان لغاية واضحة، وهي تشكيل هيئة عليا ينبثق منها وفد مفاوض يحقق أهداف الثورة، عن طرق حل سياسي تفاوضي، ضمن معايير وشروط واضحة، وزاد «المخيب للآمال حقيقة هي الجهود الدولية التي تعبث بوقت السوريين». وكشف المسؤول عن وجود دول إقليمية تحرض على تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية. وحين استفسرنا منه عن ماهية تلك الأطراف والدول، أجاب قائلاً: «هناك قوى لا تفتأ تحرض علينا، وهي منتشرة ونافذة في الإقليم وفي دول كبرى، وكانت هناك محاولات قبل عامين في بريطانيا لتصنيف الجماعة بكل فروعها على قوائم الإرهاب، غير أنها فشلت إلى حد كبير، كما أن محاولات آخرين سعوا إلى تصنيفنا في الولايات المتحدة، وأظن أن المنصفين داخل هذه الدول يمنعون تردي الأوضاع إلى هذا المستوى، بسبب قناعة راسخة لديهم بأن الإخوان ليسوا إرهابيين وأنهم أصحاب فكر وسطي».
وتابع «إن هذه المحاولات ربما تغذي التنظيمات المتطرفة وتجعل لها الأولوية في فكر الشباب المغرر بهم، مما يزيد في تعقيد الأوضاع في المنطقة وخارجها وصولاً إلى قلب أوروبا كما شهدنا ذلك مؤخراً في بلجيكا».
لكن وليد في المقابل عبر عن امتنانه من تصنيف الجامعة العربية لـ «حزب الله» كمنظمة ارهابية وقال: «تصنيف الحزب يعتبر خطوة في الطريق الصحيح، لتجفيف منابع الإرهاب الدولي، خصوصاً وأن هذا التنظيم تغول في دماء السوريين»، وبعد أن وصف الحزب بـ» الأداة الإيرانية»، شدد على ان «إيران تمتلك ذاكرة طائفية بغيضة، ولا تريد لسوريا وشعبها خيراً، وتريد أن تكون المنطقة برمتها وسوريا على رأسها مجالاً حيوياً لها، لتنفيذ مآربها الطائفية والعنصرية، وهي بذلك تشعل الفتنة في المنطقة وتدفعها إلى مزيد من التوتير والاحتقان».
وفي تقييمه لانحسار الدور التركي الداعم للمعارضة مؤخراً، أكد بعد أن وصف الدولة التركية بـ»الشقيقة»، أن الأخيرة من أشد الدول الداعمة للشعب السوري، وهي دائماً ما تحاول خوض صراعات ضد حلفاء النظام للتقليل من معاناة السوريين، لكنه عّد انحياز المجتمع الدولي بضغط روسي وبتواطؤ أمريكي إلى رؤية نظام الأسد، واحداً من بين أهم الأسباب التي قلصت الأوراق بيد الأتراك والسعوديين، وأوضح «كان آخر هذه الأوراق وقوفهم بوجه إقامة منطقة عازلة شمال سورية تحمي المدنيين من حمم الطائرات المعتدية».
وأبدى وليد استغرابه من الاتهامات التي تساق لجماعة الاخوان المسلمين بأنها المسؤولة عن انحسار دور المعارضة السياسية وقال: «هذه تهمة جاهزة، وسؤال مكرر يحمل في طياته الإجابة على نفسه، وحتى نتكلم بميزان العدل أقول، إن الجماعة فاعل إسلامي واحد بين مجموعة من الفاعلين الإسلاميين والوطنيين، وإن أي نجاح للثورة هو نجاح لهم جميعاً، وأي إخفاق هو إخفاق لهم جميعاً، وبالتالي فالكل مسؤول عن نجاحات الثورة والكل مسؤول عن إخفاقاتها، لا يحلو للبعض أن يكون للثورة ملمح إسلامي متميز، وهؤلاء قوم يصادمون التاريخ والواقع، وموازين القسط والعدل».
القدس العربي