أم أحمد، امرأة في الـ 30 من عمرها، جامعية، أم لطفلين، عانت مرارة النّزوح من مكان إلى آخر، ومن قرية إلى أخرى قبل أن ينتهي بها المطاف في تركيا.
عاشت مرارة الحرب، وقسوة الحياة، والخوف من القصف، وأزيز الطائرات الذي مازال يرنُّ في أسماعها كلّما تذكّرت تلك الأيام.
هل تستطيع الفروع الأمنية الحجز على #عقارات_المطلوبين؟؟
بحثت كثيرا عن فرصة عمل مناسبة ولكنها لم تجد، وفي أحد الأيّام أُعْلِنَ عن دورة للخياطة، التحقتْ بها أم أحمد:
“سجّلنا في دورة خياطة في أحد المعاهد الموجودة في الريحانية، لم أكن وقتها أعرف شيئا في هذه المهنة، أستيقظ باكرا، أنجز بعض أعمال المنزل، وأحضّر الفطور، وأذهب إلى عملي، تاركة قلبي مع طفليَّ الصّغيرَيْن ريثما أعود في نهاية الدوام”.
بقيت أم أحمد على هذه الحال حتى نهاية الدورة، وحاولتْ جاهدةً أنْ تستمرَّ فيها على الرّغم من الصّعوبات التي واجهتها في تلك المدّة.
أصبحت تتقن هذه المهنة نوعا ما، ولكنّها لا تملك ثمن آلة الخياطة، ولم تجد فرصة عمل في أحد المشاغل، ومع ذلك لم تدع مجالا لليأس أنْ يتسلَّل إلى نفسها.
وبعد أيّام قليلة جاءتها فرصة عمل في مجال حياكة الصوف، التحقت بها. ولأنها أحبّتها أتقنتها بشكل جيد وطوّرت نفسها ذاتيا من عن طريق “النت”.
بقيت في هذا العمل مدة من الزمن، وكان أجره جيدا جدا بالنسبة لها.. ولكنّها تركته فيما بعد لسبب ما.
هكذا هي الحياة.. فرصة تأتي وأخرى تروح، ولكن المهم أن نبقى متمسكين بحبل الأمل. وأن يعمر قلبنا باليقين، فاليأس دمار للنفس، وقنوط من رحمة الله، وإن أوصِدَ بابٌ فهناك دوما آخر.
كان يقين أم أحمد أقوى من كل الظروف المحدقة بها، وكانت واثقة بأن شيئا جميلا بانتظارها، وأفضل من الذي سبق.
بعد أيّام قليلة فتح الله تعالى لها باب رزقٍ جديد وهو خياطة كمامات في مشغلٍ تابع للهلال الأحمر.
تقول:
“الحمد لله ربّ العالمين، الله رزقني عملا جديدا أريح وأسهل من الذي سبق، وراتب جيد الحمد لله، والله يفرجها على الجميع”.
تتحدث أم أحمد عن سعادتها بهذا العمل الجديد، وصار لها فيه معارف جديدة، وبدأت تشعر بالاستقرار النفسي بعد أن وجدت عملا، وإن كان هذا العمل ليس دائما.
الهلال الأحمر في تركيا يقدّم الكثير من الخدمات للسوريّين، منها راتب الهلال الأحمر للعائلات التي يتجاوز عددها أربعة أشخاص، أو ممن لهم ظروف خاصّة، فضلا عن دورات الخياطة والصوف، وتعليم اللغة التركية وغيرها من الخدمات.
أم أحمد واحدة من آلاف السوريات اللواتي قذفت بهن أمواج النزوح على شواطئ الغربة، فوجدن أنفسهن على ساحل حياة مجهولة، ولكنها لم تستسلم ولم تفقد الأمل وكانت على يقين أن هذا المسار الجديد في حياتها سيكون بداية لانطلاقة جديدة.
ظلال عبود
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع