“قصتي مثل قصص باقي الأمهات السوريات اللاتي عانين من القمع، ولكن مختلفة قليلا، اعتقلت لنشاطي بالحزب الشيوعي، واعتقلني أخي الذي كان مسؤولاً أمنياً في العام ١٩٩٢، وكان أطفالي صغاراً، وسجنت أكثر من عام” تلك كانت أولى الكلمات التي بدأت بها فدوى وصف معاناتها في سجون النظام، من خلال النادي الصحفي السويسري الذي عقد في جنيف أمس الثلاثاء 19 أبريل/نيسان.
جاءت هذه الندوة على عقب الاجتماعات التي عقدت سابقا من أجل المفاوضات السورية بناء على رغبة المجموعة الاستشارية النسائية التابعة للهيئة العليا لمفاوضات المعارضة، بالمزامنة أيضا مع قرار المعارضة بتأجيل مشاركتها في محادثات جنيف الحالية، وذلك لعدم تقيد النظام السوري بالشروط الملزم بها، سواء من ناحية الهدنة والخروقات المتكررة والقصف المستمر على المناطق المحررة، أو من ناحية مصير المعتقلين في سجونه.
فدوى التي لا تعلم شيئا عن ابنها المعتقل منذ ثلاث سنوات مع زوجها، كانت معاناتها مضاعفة لأن أخاها هو من اعتقلها، لكن تلك المعاناة لم تكن أكبر من معاناة “عزيزة جلود” التي بدأت رحلة تعذيبها من أيام حافظ الأسد، اعتقلت أكثر من مرة عوضا عن زوجها، وهي ابنة العشرين عاما وفي شهرها الثاني من حملها، وفي المرة التالية رافقها طفلها المولود حديثا إلى أن أصبح بعمر الرابعة، إلى أن تم الإفراج عنها وإلغاء منعها من السفر في بداية الثورة آذار/ مارس 2011 وخروجها إلى تركيا بعد مضي 11 عاما علها وهي تنتقل من سجن لآخر دون تهمة أو محاكمة، وذلك فقط لرفضها قتل المعارضين والعمل مع النظام مقابل حريتها.
لا تنتهي معاناة النساء السوريات على إطلاق سراحهن من ظلمات السجون، فكثيرات منهن تدخلن في نوع جديد من انتهاك لحقوقهن ونبذ أسري واجتماعي، وليس لشيء؛ فقط لأنهن اعتقلن.. ياسمين التي غادرت سوريا إلى لبنان.. لم تعد تحتمل نظرات أقاربها لها بعد خروجها من السجن وكأنها مجرمة، تقول إنها قضت سنة كاملة وهي في عزلة تامة عن محيطها، لا يرافقها في عزلتها سوى تلك الكوابيس التي لا تفارق واقعها وحلمها، من أصوات رجال الأمن وتعذيبهم لها نفسيا وجسديا بشتى أساليب التعذيب التي تلجأ معظم الفتيات للسكوت وعدم التكلم عمّا حدث معهن.
أما حنان فلم تستطع السكوت عن تصرفات عناصر الأمن، وكيف كانوا يقومون باغتصابها مرارا وذلك للضغط عليها للاعتراف على أخوتها وأقاربها المنتمين لفصائل المعارضة المسلحة، لم تخف ما حدث معها بعد خبر طلاقها الذي تلقته وهي في السجن، ومن ثم عند خروجها حرمت من أطفالها، كما أنها مسبقا حرمت من عملها وذلك بعد ثلاثة أيام من اعتقالها.
حالها كحال آلاف المعتقلات داخل السجون، اللاتي لم يكتف النظام بتدمير حياتهن وسرقة أحلامهن، بل ساعده المجتمع من حولهن بتدمير ما تبقى من أمل في إعادة بناء أنفسهن المتكسرة، وتفضيل الموت على إكمال حياتهن مع رؤية تلك النظرة الدونية في عيون كل من يعرفها.
المركز الصحفي السوري – يارا زيتون