المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 8/1/2015
مع انطلاق شرارة الثورة، سارعت المرأة السورية لتأخد مكانها الطبيعي في هذه الثورة، لقد شاركت المرأة في عرس الثورة منذ بزوغ فجرها وتعرضت للقتل والاغتصاب والضرب والشتم بأقذع الكلمات النابية، فرأيناها ناشطة إعلامية، كما رأيناها طبيبةً تعالج الجرحى في البيوت والمستشفيات الميدانية، ولقد رأيتاها صحفية ومحامية وكاتبة وقبل هذا وذاك رأيناها الأم الحنونة التي علمت البشرية معنى التضحية، الأم التي لم تبخل على بلدها وشعبها بالأبطال والشهداء، فلقد رأيناها تقدم فلذات أكبادها الواحد تلو الآخر في سبيل أن ينعم الوطن بالحرية والكرامة، في سبيل رفعة الشعب وعزته، لقد رأيناها أم الشهيد وزوجة الشهيد وأخت الشهيد وابنة الشهيد وعمة الشهيد وخالة الشهيد وقريبة الشهيد، فالثورة السورية حافلة بالخنساوات اللواتي قدمنّ دروساً عظيمة في البذل والعطاء، في التضحية والفداء، كم أنت كبيرة يا أماه، كم أنت عظيمة يا أختاه، فَمن أمثالكن نتعلم الشجاعة والصبر، مِن مثلكن نستمد القوة كي نمضي قدماً في ثورتنا حتى يتحقق النصر للمستضعفين والمظلومين.
السيدة”هناء”48 عام متزوجة ولديها ثلاث أولاد من ريف إدلب الجنوبي، هذه المرأة السورية المجاهدة إن صح التعبير، ذات يوم عملت في إسعاف الجرحى عندما إقتحم جيش النظام قريتها ودارت إشتباكات بين ثوار القرية وقوات النظام، حاول الثوار الدفاع عن قريتهم ومنعوا الجيش من دخولها، كانت هذه المرأة في الصفوف الأولى تسعف الجرحى وتنتقل من جريح إلى آخر إلى أن وصلت إلى إبنها “قدور” ولكن لم يكن جريح إنما كان جثة هامدة، فجلست عند رأسه وأغمضت عينيه وقالت الحمد لله الذي أكرمنا باستشهاه، ثم تركته وتابعت عملها وهي تضمد جراح المصابين، لقد كانت بموقف يهتز له قلوب الرجال ولكن لم يهتز جفن لهذه المرأة كانت صابرة محتسبة، لقد قدمت أغلى ماعندها في سبيل الدفاع عن الوطن.
ولو أمضينا الدهر في حديثنا عن المرأة السورية المجاهدة لما وفيناها حقها ولاكن لا بد من التذكير أن أول من تجرأ على المطالبة بتنحي بشار الأسد كان في الواقع امرأة، من الطائفة الدرزية، وهي منتهى الأطرش ابنة سلطان باشا الأطرش، قائد “الثورة السورية الكبرى” عام ١٩٢٥، ففي ١٢ نيسان عام ٢٠١١، في وقت كانت المظاهرات في سوريا تطالب بشكل أساسي بتحقيق الإصلاحات وليس بإسقاط النظام، دعت الأطرش، في اتصال هاتفي مع صحيفة جريدة الشرق الأوسط، بشار الأسد إلى التنحي استجابة للتظاهرات السلمية.
ولقد بلغ دور النساء في الثورة إلى ذروته، عام 2012 وذلك بسبب المداهمات والاعتقالات التي شنها النظام بطريقة منهجية ضد الثوار السلميين وخاصة الرجال منهم، نظمت النساء الثوريات أنفسهن ضمن خلايا لملء الفجوة واستغللن جيداً النظرة المتحيزة جنسياً ضدهن بأنهن “الجنس الأضعف” لاجتياز حواجز النظام من أجل تهريب الأدوية، والغذاء والمسعفين إلى المناطق المحاصرة والمستهدفة بالقصف، كما أن الثوريات من الأقليات استخدمن صفتهن الطائفية على حواجز النظام من أجل تهريب المساعدات إلى الأحياء المحاصرة، في الوقت المناسب، اكتشفت بعض الحواجز بعض هذه الشبكات وبدأت تدقق بالهويات وبتفتيش السيارات التي تقودها امرأة غير محجبة ومن الأقليات حتى اليوم.
نعم هذه هي المرأة السورية تنجب الأبطال لتستمر الثورة السورية في طريقها ضد الظلم والطغاة.