يحاول المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، تخفيف الضغط على المفاوضات في جنيف خشيةً من انهيارها بشكل كامل، لا سيما بعد نسف الهدنة وتجدد المعارك في كافة المحاور، وعدم إحراز أي تطور في شأن الملف الإنساني لجهة رفع الحصار عن المناطق المحاصرة وإيصال المساعدات إلى المحاصَرين، أو إطلاق سراح المعتقلين.
ويعتقد المبعوث الدولي، ومن خلفه روسيا والولايات المتحدة الأميركية، أن انهيار المفاوضات السورية يعني عدم وجود حل سياسي، الأمر الذي من شأنه أن يرجح كفة الحل العسكري الذي لا يرغب به أحد. وكان المبعوث الدولي قد عبّر عن عدم ارتياحه لنتائج الجولات السابقة، في وقت اعتبر فيه المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمعارضة السورية، رياض نعسان آغا، في تصريحات سابقة، أن الهوة ما زالت واسعة بين الطرفين، لا سيما أن المعارضة تصر على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، على عكس موقف النظام السوري الذي يريد تنفيذ القرار الدولي من خلال إقامة حكومة موسعة تضم بعض شخصيات “المعارضة الوطنية”.
وبناء على ذلك، اقترح دي ميستورا إقامة مباحثات تقنية في مدينة جنيف السويسرية بين كافة الأطراف خلال أيام شهر رمضان، من أجل بحث الانتقال السياسي، وكسر الهوة بين الطرفين، وذلك تمهيداً لجولة رابعة من مفاوضات جنيف بعد شهر رمضان، والتي من الممكن أن تشهد مفاوضات مباشرة لأول مرة في حال ضمّت الهيئة العليا جميع الأطراف المعارضة الأخرى.
وقالت مصادر متطابقة لـ “العربي الجديد” إن النظام السوري رفض إرسال أي وفد يمثله، مرجحةً أن يكون السبب هو أن المباحثات التقنية ستركز على الانتقال السياسي. وأضافت المصادر نفسها أن الهيئة العليا عيّنت عدداً من “الخبراء السوريين”، يعكفون على وضع تصور للعملية السياسية والمشاركة في الجلسات التقنية التي ستقام في جنيف خلال الأيام القليلة المقبلة. وأشارت المصادر إلى أن كلاً من الأمين العام الأسبق لـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، نصر الحريري، والدبلوماسي المنشق عن النظام السوري، المقيم في الولايات المتحدة، بسام بربندي، هما من بين الخبراء الذين عينتهم الهيئة العليا.
في هذا السياق، لفتت المصادر إلى أن دي ميستورا يسعى من خلال المباحثات الفنية في جنيف، إلى إعادة تجربة مجموعات العمل الأربع التي سبق له أن طرحها قبل عام، ورفض الائتلاف الوطني السوري والفصائل العسكرية المشاركة فيها.
وكان “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” حث، في بيان صدر منذ أيام، على عودة المفاوضات في جنيف في أقرب فرصة ممكنة، إضافة إلى ضرورة أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً أكبر مما هو عليه الآن. وشدد على ضرورة عدم ترك الملف السوري بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا فقط، وإشراك الاتحاد الأوروبي باعتبار أن دوله تعتبر من أكثر المتضررين دولياً في ملف الإرهاب وكذلك في قضية اللاجئين. كلام هدفه أولاً وأخيراً كسر الاحتكار الروسي ــ الأميركي الذي ينعكس على أداء دي ميستورا على شاكلة ما يبدو أنه انحياز للتوافقات بين هذين البلدين اللذين تبدو نقاط اتفاقهما أكبر من اختلافهما، وهو ما يصبّ في النهاية لمصلحة محور النظام السوري ــ روسيا ــ إيران والمليشيات التابعة لها.
وتخضع الهيئة العليا لضغوطات دولية من أجل الانفتاح على أطراف أخرى من المعارضة السورية وبعضها محسوب على روسيا والأخرى تميل للنظام السوري. وكانت مصادر أخرى أكدت لـ “العربي الجديد” وجود رغبة لدى الهيئة العليا للمفاوضات بالانفتاح على “منصتي” القاهرة وموسكو لضمّهما إلى الهيئة العليا وتمثيلهما داخل الوفد المفاوض، كما اتخذت قراراً بالتفاوض مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردي السوري، جمال ملا محمود، الذي يمثله وزيران داخل الإدارات الذاتية في الشمال السوري.
العربي الجديد