” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ” آية قرآنية في ثناياها تبرز أهمية المياه في المحافظة على وجود المخلوقات الحية كافة، إذا فلنتخيل حجم معاناة معظم الشعب السوري في ظل غياب شبه تام لمصادر تلك النعمة، خاصة في بعض المناطق المحررة من النظام السوري.
حيث ظهرت أزمة المياه في مدينة إدلب أثناء تواجد النظام داخلها كإحدى العوائق الكبيرة في وجه المواطنين، فمثلا تنقطع المياه عن المدينة لمدة طويلة لتعود لأيام قليلة وتباع لآخرين بأسعار كبيرة إن وجدت، كما حصل في نهاية العام الماضي حين انقطعت المياه بشكل تام لمدة22 يوم متواصل.
تحررت إدلب في الشهر الثالث 2015، لكن لم يتحرر معها المواطن من معاناته الدائمة مع استمرار نقص كبير في الخدمات الأساسية التي يحتاجها، إلا بعد فترة ثلاث أشهر من التحرير، حيث سلمت إدارة جيش الفتح (الذي حرر إدلب) المؤسسات الخدمية لإدارات مدنية من سكان المحافظة ، سعت جاهدة لإيصال المياه إلى معظم الأحياء لكنها باءت بالفشل مرات عديدة نتيجة محاولة النظام إفشال أية إدارة في إدلب، من خلال القصف المستمر على البنى التحتية وتدمير المضخات المغذية للمياه، واستغراق وقت طويل في إصلاحها بسبب عدم توفر كوادر المهندسين والعمال، بحجة خوف بعضهم من الطيران، وهجرة بعضهم الآخر، وفقدان وسائل وأجهزة العمل من سيارات وغيرها من جهة، وضعف الميزانية الداعمة للمؤسسة.
في هذا السياق أبدى رئيس مجلس محافظة إدلب سليم الخضر أسفه للصعوبات التي تواجه المواطنين عند غياب المياه، رغم أن محافظة إدلب هي أفضل حالا عن كثير من المناطق المحررة فقد غطت المياه قرابة 70% من أحيائها.
“أحمد” أحد العاملين في مؤسسة مياه إدلب بعد التحرير يتحدث عن آلية العمل داخلها، يقول: “يتم ضخ المياه إلى مدينة إدلب من محطتي سيجر والعرشاني، إلا أن أبرز مشكلة نعانيها هي قلة المحروقات نتيجة غلاء أسعارها، وعدم قدرتها على دفع المياه لمسافات بعيدة، مما يصعب وصولها إلى مناطق مرتفعة، كانت تقدمها لنا الإدارة المدنية ومن ثم تولت هذه المهمة إحدى المنظمات العالمية”.
صحيح أن شركة المياه تعاني من عدة مشاكل إلا أن دورها كان واضح في تأمين مصادر جديدة للمواطنين بحال انقطع توليدها من المحطات، فحفرت عددا من الآبار، ونظمت عملية توزيع المياه من المناهل الموجودة بكل حي تقريبا، وحددت رسم الفاتورة بمبلغ 800 ليرة سورية كل شهرين يدفعها المواطن لها.
أبو محمد أحد سكان المدينة يقول: “بخصوص هذا المجال أنا لا أمانع أن أدفع هذا المبلغ لكنني أحيانا أستاء من وضع المياه، لأن ضخها من العنفات الأرضية ضعيف، بالتالي أحتاج لمضخة كهربائية صغيرة لضخ المياه داخل منزلي، وهو مكلفة لأنها تستلزم كهرباء قوية أي يجب أن أشترك بعدة أمبيرات (مولدات كهربائية).
لكن هل بالفعل سنلحظ تطورا في وضع المياه داخل مدينة إدلب؟؟، مع ازدياد قدوم أهاليها إلى منازلهم واستقرارهم، وحاجتهم الماسة للمياه بما أنها العصب الحيوي والسر الخفي الذي يبث الحياة بعروقهم ويثبت وجودهم.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن