أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتصاره قبل انتهاء عملية فرز الأصوات واتهم خصومه بالتزوير، ووعد باللجوء إلى المحكمة العليا، ملقيا بنفسه في صراع أعلن منافسه جو بايدن أنه مستعد للذهاب فيه إلى أبعد الحدود، للاعتراف بالنصر الذي يعتبره قد تحقق.
ولإلقاء الضوء على هذا الصراع، قالت صحيفة لوباريزيان Le Parisien الفرنسية إنها ستتناوله من خلال 4 تساؤلات.
ما التهديد؟
قالت الصحيفة إن المرشح الديمقراطي جو بايدن كان البادئ بالتهديد، عندما تقدم أمام الكاميرا، وأظهر تفاؤله بالفوز النهائي ودعا إلى انتظار ما سيحدث حتى نهاية العد، متخوفا من إعلان خصمه نصرا مبكرا.
ولم يتأخر رد ترامب الذي شعر بأنه هوجم بسلاحه الخاص، وجاء رده -كما تقول الصحيفة- على مرحلتين فاتهم منافسه في تغريدة على تويتر بسرقة الانتخابات، ثم قال في مؤتمر صحفي رغم أن عد الأصوات لم ينته، “لقد فزنا في هذه الانتخابات. هدفنا الآن هو ضمان نزاهة الاقتراع. نريد أن يتم تطبيق القانون بشكل صحيح. سنذهب إلى المحكمة العليا. سوف نفوز، بل أعتقد أننا فزنا بالفعل”.
واعتبر المعسكر الديمقراطي أن هذا البيان “فاضح وغير مسبوق وكاذب”، وقال في بيان صحفي إن “فريقنا القانوني مستعد لمقاومة هذا الهجوم”.
لماذا يستهدف ترامب التصويت عبر البريد؟
ذكّرت الصحيفة بأن ترامب لوّح منذ أسابيع باللجوء للمحكمة العليا، منددا بالتصويت عبر البريد الذي لم يكن مهما في أي انتخابات أميركية قبل الآن، خاصة أنه الطريقة المفضلة من قبل الناخبين الديمقراطيين، وأن فرزه يأخذ وقتا أطول، مما قد يؤخر إعلان النتائج النهائية لبضعة أيام.
ويصر الرئيس المنتهية ولايته -حسب الصحيفة- على أن طريقة التصويت هذه تفتح الطريق أمام كل أنواع الغش، وتؤخر النتائج، في حين أنه “يحق لنا معرفة الفائز في 3 نوفمبر/تشرين الثاني”، كما يقول ترامب، مبديا رغبته في إعلان النتائج قبل نهاية عد الأصوات.
وعلى الجانب الديمقراطي، كان ذلك أحد السيناريوهات المخيفة، وقد عبر عنه السيناتور بيرني ساندرز، قائلا قبل أيام “قد يتقدم دونالد ترامب عند الساعة العاشرة مساءً يوم الانتخابات، ويقول على شاشة التلفزيون “شكرا للشعب الأميركي على إعادة انتخابي”، وفي الأيام التالية مع احتساب الأصوات بالمراسلة نكتشف فوز جو بايدن، ليرد ترامب “انظروا! قلت لكم إن كل شيء فيه احتيال”.
على أي أساس يريد ترامب اللجوء إلى المحكمة العليا؟
يقول جان إريك برانا -المحاضر في جامعة باريس 2- إن “ترامب ما كان ليصدر هذا الإعلان باللجوء للمحكمة العليا لو كان يعتقد أنه سيفوز، وهو بذلك يقدم كل ما لديه لأنه يريد بأي ثمن منع الولايات المتأرجحة من إكمال عد الأصوات، وما دام قد أعلن ذلك فإنه سينفذه”.
وتساءلت الصحيفة كيف يعتزم ترامب تبرير لجوئه للمحكمة، فهل سيتوجه لها مباشرة للطعن في الاقتراع بأكمله؟ لترد فرانسواز كوست -أستاذة الحضارة الأميركية في جامعة تولوز- بأن الجواب هو لا، لأن “المحكمة العليا في الولايات المتحدة، لا يمكن اللجوء إليها للطعن -خلال المرحلة الأولى من التقاضي- في الاقتراع بأكمله”.
ولذلك لا يمكن أن يتجاوز الأمر مستوى الولايات، علما أن “التصويت المسبق موجود منذ 150 عاما في الولايات المتحدة، وأن لكل ولاية قوانينها الخاصة، بحيث يقبل بعضها بطاقات الاقتراع المدلى بها في يوم الاقتراع مع ختم البريد، والبعض الآخر لا يقبلها”.
ونبهت الصحيفة إلى أن المحكمة العليا كانت قد اتخذت موقفا بشأن هذا الموضوع قبل الاقتراع، وذلك برفضها طعنا جمهوريا بولاية بنسلفانيا في النظر في أوراق الاقتراع التي تصل بعد 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وآخر بولاية كارولينا الشمالية.
وبما أن الطعن من الناحية الشكلية قد استبعد، سيتعين على معسكر ترامب إثبات وجود عملية احتيال، حيث أوضح المحامي الدستوري الأميركي إدوارد فولي بعد مؤتمر ترامب الصحفي أنه سيتم عد الأصوات الصحيحة، ولا يمكن للمحكمة العليا أن تتدخل إلا إذا كانت هناك شكوك كبيرة حول صحة التصويت وهذا ليس هو الحال بالضرورة، “فسيادة القانون هي التي ستحدد الفائز الرسمي في التصويت الشعبي في كل ولاية وينبغي عدم التدخل فيها” حسب قوله.
هل ستفيد التشكيلة الجديدة للمحكمة ترامب؟
ومع أن المحكمة العليا ستكون حاسمة فقط في حال انحصار الأمر في بضعة آلاف من الأصوات بولاية معينة، تتساءل الصحيفة هل يمكن أن يستفيد ترامب من تشكيلتها؟ خاصة أن 6 من القضاة التسعة الذين يشكلونها، من المحافظين، وقد عين ترامب 3 منهم.
وتعتقد فرانسواز كوست نظريا أن الرئيس المنتهية ولايته يمكنه الحصول على بعض الفوائد، إلا أن “رئيس المحكمة العليا جون روبرتس يُنظر إليه على أنه شخص ملتزم بالمؤسساتية ويرفض مس صورة أعلى هيئة أميركية، ولكن الخمسة الباقين قد يتصرفون دونه ويخدمون دونالد ترامب”، كما تقول كوست.
نقلا عن الجزيرة