القدس العربي – هبة محمد
بالتزامن مع أول محاكمة بشأن عمليات التعذيب التي اقترفها النظام في سوريا، والتي تبدأ اليوم في ألمانيا، وعلى الرغم من انشغال العالم بفيروس كورونا القاتل وكيفية الحد من انتشاره، تجددت المساعي السياسية بين الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة في الملف السوري أمس، فبينما بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، سبل دفع جهود إنهاء الصراع وتسوية الأزمة السورية، عقدت أمس جولة جديدة من المباحثات بين أطراف أستانة الخاصة بالملف السوري، عبر تقنية دائرة صوتية مغلقة، استعرض خلالها وزراء خارجية الدول الضامنة، التركي مولود تشاووش أوغلو، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، الشأن السوري وآخر تطورات الملف سياسياً وميدانياً، وذلك ضمن مساعٍ واضحة لتفعيل الحضور الإيراني بعد تهميشه في اتفاق 6 آذار/ مارس، المبرم بين تركيا وروسيا، استناداً إلى أن طهران كانت شريكاً في اتفاق مناطق خفض التصعيد شمال غربي سوريا، ولا بد من إشراكها في جزئيات معينة من ملحقاته، تحاشيًا لدور تخريبي إيراني قد يجر المنطقة إلى مواجهة عسكرية بعد تعزيز حشود ميليشياتها المتواصلة في إدلب ومحاولتها دفع النظام السوري لخوض معارك جديدة من أجل استعادة المدينة.
يجري ذلك بالتزامن مع سعي مصري عبر عنه شكري بأن بلاده تعتزم إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي على الساحتين الإقليمية والدولية، واستعادة مقعدها في الجامعة العربية. وبالعودة إلى اتصال شكري ـ بيدرسون فقد جاء ذلك للتباحث بشأن آخر تطورات الأوضاع على الساحة السورية، وفق بيان للخارجية المصرية.
اجتماع لـ«ثلاثي أستانة» لتطويق «جنوح» إيران للحل العسكري… ومحاكمة للنظام في ألمانيا
وتطرق الاتصال إلى «التنسيق لدفع جهود التسوية السلمية للأزمة، بما يحفظ وحدة واستقلال سوريا».
وكان شكري اجتمع الثلاثاء، مع مثلي مجموعة القاهرة في هيئة التفاوض السورية المعارضة، لبحث آخر التطورات على الساحة السورية، وسُبل دفع مسار التسوية السياسية، وفق بيان سابق للخارجية المصرية.
وفي محاولة لتعويم نظام بشار الأسد قال شكري إن بلاده تعتزم إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي على الساحتين الإقليمية والدولية. جاء ذلك خلال الاتصال هاتفي بين شكري وبيدرسون. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ إن «الاتصال يأتي في إطار التنسيق المستمر بين القاهرة والمبعوث الأممي بشأن دفع جهود التسوية السلمية للأزمة السورية».
وأوضح المتحدث المصري أن الوزير شكري «تناول تقييم القاهرة إزاء تطورات الأوضاع في سوريا، مستعرضاً الجهود المصرية المبذولة في سبيل دفع العملية السياسية من خلال عضويتها في المجموعة المصغرة للدول المعنية بهذه العملية، وعبر تواصلها مع المعارضة السورية المعتدلة وعلى رأسها مجموعة القاهرة، وهو الأمر الذي يرتبط أيضاً بضرورة التصدي الحاسم للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، والأطراف الإقليمية الداعمة لها».
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية المصري على «ضرورة تضافر كافة الجهود لدعم الشقيقة سوريا في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد»، حسب موقع «روسيا اليوم».
وفي سياق مخالف للتوجهات المصرية والروسية والإيرانية تبدأ في ألمانيا اليوم الخميس أول محاكمة لأعضاء من الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد يشتبه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، منها التعذيب والاعتداء الجنسي.
وأشاد أنصار هذه الخطوة بالإجراءات القضائية بوصفها أول خطوة نحو تحقيق العدالة لآلاف السوريين الذين يقولون إنهم تعرضوا للتعذيب في منشآت حكومية، وذلك بعد فشل المحاولات التي استهدفت إقامة محكمة دولية بشأن سوريا.
وقال المحامي أنور البني المتخصص بالدفاع عن حقوق الإنسان «الاعتقالات التعسفية والتعذيب هما السلاح الرئيسي الذي استخدمه نظام الأسد لإشاعة الخوف بين السوريين وإخماد مطالبهم بتحقيق الديمقراطية والعدالة».
ويقول البني إنه احتجز في سجن قرب دمشق على يد المشتبه به الرئيسي الذي سيحاكم في مدينة كوبلنز الألمانية. وأضاف «هذه المحاكمة ستكسر حصانة المجرمين في سوريا بدءا من رأس النظام وصولا إلى أصغر مسؤول فيه».
ودأبت الحكومة السورية على نفي الأنباء التي أشارت إلى حدوث عمليات تعذيب وإعدام خارج نطاق القضاء في الصراع الدائر في البلاد، والذي راح ضحيته مئات الآلاف من الأشخاص. ونفى الأسد نفسه في السابق اتهامات من هذا النوع ضد الأجهزة الأمنية.