(الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية (فكيف بدائرة حرب لم تنته منذ سنوات، وكيف حين تجد لك فسحة في حرب ودائرة قتل، لا تسألك كم تعبت منها ؟ بل تقول لك هل أزيد!.
مازالت مواهب الشباب السوري رغم كل ما يحيطهم من ظروف قاهرة، النافذة التي تغذي نفوسهم بالأمل، ورغم طواحين القتل والتشريد المستمرة منذ سنوات ما يزال الإصرار على المضي قدما ولو بخطى متعثرة، كان الهدف الأول لهم، فريق ( تجمع فناني الشمال السوري ) أطلقت صرختها الفنية، ليجد الشباب عالما بعيدا عن السلاح والموت والنزوح، فالفن هو غذاء الروح ومتنفس الشعوب .
بإعلان بسيط في الشمال السوري بحثا عن المواهب الفنية، تم اختيار الفريق الفني المسرحي … وكانت البداية !!
في الشمال بعد النزوح !
يقول رضوان تلجي مدير شركة إنتاج متواضعة، وقد بدأت الفكرة عندما كان الهدف هو إطلاق( مبادرة بصمة ) عن طريق منظمة في الاتحاد الأوربي والتي تم من خلالها تمويل عمل النشاطات وإطلاق المبادرة، وقامت المبادرة بتدريب للممثلين والكوادر الفنية من شبان و وإعداد كوادر منها الإعلام والفن والمسرح وإدارة الأعمال، وكان هناك لجنة تحكيمية تم خلالها فحص المتدربين وتم نجاح عشرين شاب.
كانت التوقعات بسيطة جدا في ظل ما يجري في الشمال وقلة الاهتمام بالفن بشكل عام، إلا أن الإقبال والنتائج كانت مفاجئة، حيث ولد فريق التجمع و بدأ العمل على قدم وساق وسط تمويلات متواضعة جدا وأجور زهيدة .
عمد (تجمع فنانو الشمال السوري) لتأسيس عمله بعد رحلة الشتات، حيث بدأ بإمكانيات شبة ضعيفة، ولكن كان الإصرار هو روح العمل لدي الفريق، حيث قدم الفريق أعمال عديدة في الشمال من أهمها العمل المسرحي ( طب القاطع ) والذي يرمز لإسقاطات على الواقع الشمالي والظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي هناك، وقد شارك في العمل أكثر من 20 ممثل، وقد لاقى الكثير من الإعجاب واستمر عرضه لفترة، كما قدم الفريق بعض الأعمال التي ركزت على الطفل السوري في الشمال والمعاناة الكبيرة التي يعيشها، كما قدم الفريق مسلسل كوميدي تم إيقافه لعدم وجود دعم مالي .
وقد عاب تلجي عدم الاهتمام الإعلامي بمثل هذه الفعاليات، والتي تظهر وجود المواهب رغم كل ما يجري، موضحا أن الفن له قيمة كبيرة في عكس واقع الشعب ومآسيه. وتحديه لكل ما يدور من أجل تقديم قيمة فنية حقيقية .
العمل في دمشق منذ سنوات!
رغم أن فكرة وجود فريق مسرحي في الشمال كانت جديدة، إلا أن مدير الفريق ضياء عسّود الكاتب والمخرج المسرحي كانت قد بدأت قبل سنوات، حيث قام بأكثر من عمل مسرحي منذ عام 2009 للطفل وأعمال أخرى تمت الموافقة عليها من قبل وزراة الثقافة السورية، ويقول عسّود بأن الأعمال الفنية دائما ما تصطدم بالكثير من العراقيل خاصة في الثورة، مرة ماليا وتارة أمنيا!
وقال إن الفريق حاليا لا يجد إمكانيات كبيرة في ظل عدم وجود تمويل ثابت لهذا النوع من الفنون في الشمال، وحالة الحرب الدائمة وعدم وجود أمان في الشمال، وغياب وجود نقابة للفنون، ويضيف عسود أنه بدأ في الشمال منذ سنوات، قبل إنشاء الفرقة بأعمال كثيرو ومتنوعة وهادفة في مسرح الطفل، منها سنووايت و ومسرح الظل ومسرح العرائس، و بعدها تم عمل مسرحيات للكبار، وكان أشهرها مسرحية ( طب القاطع ) في حضور كبير.
ويرى عسود أن هذه الأعمال يمكن أن تكون بذرة أعمال مقبلة، ولكن ما يعوق العمل هو عدم الاهتمام من قبل المنظمات للفن بشكل عام.
تحديات مقبلة !
رغم تنفسهم للصعداء في تشكيل الفريق، إلا أن الفريق كغيره من المواهب الشابة التي لا تحظى بالدعم قد يتوقف وسط غياب المؤسسات القادرة على الدعم، والاكتفاء بالتشجيع عن بعد !. ففي حين تغطي بعض المنظمات بعض التكاليف لبعض الوقت، يغيب عنهم أن الاستمرارية تكمن في دوام الدعم الحقيقي وعمل مؤسسات خاصة أو أكاديميات تعنى بالفن والمسرح و الدعم النفسي بعد سنوات من الخوف وعدم وجود ساحة حقيقية للفن في سوريا خلال الثورة .
و يضيف عسود أن هناك أفكار كثيرة لأعمال كثيرة، ويعمل الفريق الآن على عمل مسرحي يحكي معاناة الشباب السوري في سوريا ودول اللجوء ورحلته نحو الأمان وقصص أخرى عن شباب ناجين من المعتقلات في سجون نظام الأسد.
إلا أن استمرار عمل الفريق المقبل وغيره من الأعمال، لا يعتمد فقط على الكوادر الشابة والطاقات الفنية ففي محدودية الدعم النفسي والمالي، قد تكون عجلة نجاحه ووصوله بطيئة جدا، رغم كونه متنفس للشعوب، وعكسه للقضايا بأسلوب مقرب للناس، فكيف لشعب أضناه الموت والتشريد، و يقول هناك مواهب ترفع لها القبعة بشكل فعلي، ولم يكن يتوقع وجود كل هذه المواهب في الشمال السوري، في اهتمام اغلب الشباب بالأعمال الأخرى.
ويطمح الفريق في الوصول للعالمية، لأن العالم يقدر الفن ويعتبره رسالة قد تصل بسرعة وحيث هناك نماذج كثيرة وصلت بالفعل للعالم العربي والعالمي .
وقد حصدت العديد من الأعمال السورية التي وثقت معاناة الشعب شكل فني وصل للعالم جوائز عالمية مثل فيلم من أجل سما الذي حصل على جائزة مهرجان كان لأفضل فيلم وثائقي لعام 2019، وأعمال الأخوين ملص وغيرها، ولكن ذلك كان مرتبطا دائما بدعم تلك الأعمال من قبل المؤسسات والمنظمات عالميا .
المركز الصحفي السوري _ زهرة محمد