عاد من جديد صوت أبي مروان بعد غياب حوالي 3سنوات ليعود الفرح إلى قلبه وهو ينادي بأعلى صوته” اشتقنالك عاشوري العاشوري رجع ع السوق.. قرب على العاشور….طيب يا عاشور.. ” لقد اشتاق سكان مدينة إدلب لموسم الفستق الحلبي الذي أثرت حرب النظام سلباً على انتاجه والعناية به.
تشتهر محافظة إدلب عموما بزراعته فقد بلغ عدد أشجار الفستق الحلبي106 مليون شجرة وتتمركز زراعة هذا المحصول في منطقة خان شيخون ومعرة النعمان وتدعى بالشجرة الذهبية، يبلغ ارتفاعها الأقصى حوالي أربعة أمتار، وهناك نوع ثاني المسكّن أي أن أشجاره تكون ذات جنس واحد، إما ذكر أو أنثى ولذا يتطلب الإثمار وجود الجنسين في الحقل نفسه على مسافات متقاربة لحدوث التأبير، وإذا كانت حلب لا تذكر دون الفستق الحلبي في المقابل الفستق لا يذكر دون مورك هذه البلدة الصغيرة التي اشتهرت بزراعته حتى أصبحت أكبر منتج للفستق الحلبي في سورية ….لكن هل تعرف شيئا عن معاناة الأهل فيها؟
يقول أبو زياد البالغ من العمر49 عاماً ” كنت أجمع محصول الفستق سنوياً والفرح يغمر قلبي فهو مصدر رزقي ورزق عيالي لكن وجود الشبيحة وعساكر النظام منعني حتى من تفقد بستاني ….ليس لي سوى النظر من بعيد فهم من يملكون السلطة…ولا حول لي ولا قوه “.. ويكشف جاره علاء عن سرقة الشبيحة للفستق الحلبي إذ إنها تجلب لهم أموالا طائلة كونها شجرة ذهبية والقصة لا تنتهي هنا فإنها إن نجت من السرقة لا تنجو….من قطاع الطرق الذين يتعرضون للسيارات المحملة بالمحصول.. فلا أمان من وصولها لمكان التصدير”.
وطبعاً لا ننسى المعوقات التي تحول دون إنتاج محصول جيد فحاجة الأشجار الماسة للمبيدات الحشرية وخصوصاً التي تأكل الأزهار مثل الإصابة بالجاسيد زادت من آلام المزارعين…إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي نتيجة الأوضاع المتردية جراء حرب بشار وأعوانه والطيران المستهدف لتلك المناطق فأحدث أضراراً بالغة بالحقول.. تقول أم أحمد (جدة معمرة):” آه…يا حسرة على تعبنا ….أشجار الفستق عمرها 60أو70 سنة صارت حطب للتدفاية.؟ كنت أتمشى بهلبساتين شي بيشرح الصدر وبعبي العين.. الموت أرحم من الألم يلي عصر قلبي…يا رب ترحمنا”
يكشف لنا إبراهيم عن ألمه العميق قائلاً” أعتقل أخي وزوج أختي من قبل النظام بتهمة التظاهر ضده ، وبعد مرور أسبوع من الاعتقال عمد النظام من قبل العساكر على تكسير شجر الفستق بواسطة دبابة حيث مشت على سلاسل أشجار الفستق الواحد تلو الآخر …وعند رؤية والدي للمشهد لم يستطع قلبه تحمّل الألم سقط على الأرض متأثراً بصدمة قلبية أفقدته حياته بعد أيام قليلة من الحادثة…فلا شيء أقصى على الروح من رائحة الأحلام وهي تتبخر.!
اليوم رغم المعاناة يعود بائع الفستق الحلبي من جديد ليبشّر بعودة الأمل لقلوب المزارعين ورفضهم لليأس مهما كبرت الآلام وتراكمت الأحزان.. فهم أبناء الوطن وبهمة الشباب تعود الحياة للاستمرار, وها هي دمدمات البائع أبي مروان” عاشوري ياخاي عاشوري دهب رجع ع السوق.. طيب يا عاشور”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد.