انطلاقاً من الرسالة السامية والأهمية المثلى للفرق الشبابية التطوعية بكافة مجالاتها في زمن الحروب والكوارث، ظهرت العديد منها في سوريا، محاولة تلبية بعض متطلبات الحياة للمواطن السوري في ظل انعكاسات الأزمة الخانقة، إلا أن أهداف وإشكاليات وأهمية تلك الفرق مع مدى نجاحها مختلفة كل منها عن الأخرى.
نشأت أغلب الفرق التطوعية مع بداية الحراك الثوري السوري، لكن لغايات متباينة، فإذا ما كانت تحمل في جوهرها النهوض نسبياً بالمجتمع وتنمية حياة أفراده تكون حققت هدفها المنشود، أما إذا ما تحولت لدعم منطوي للترويج لجهة معينة ثم ظهور تلك الأخيرة بالصورة الإيجابية أمام أعين الملأ، “كجمعية سوريا بتجمعنا” التي بدأت في دمشق وريفها باسم فريق تطوعي مكون من فئة شبابية استهدف بعمله أهالي الشهداء من مجندين وضباط، إضافة للإشراف على تجمعات عناصر النظام المرابطين في جبهات القتال ضد الإرهابيين كما زعموا وباطلاع أسماء الأسد على أعماله، وآخر حملاتهم المسماة “بلدنا بدفينا”، توجهت لعناصر النظام في محيط الزبداني وغيرها.
بما أن الضرر لحق الشعب السوري أجمع، واعتبرته المنظمات العالمية منكوباً، فاللجوء للتطوع من الجانب الإنساني الوارد في تعريفه، يجب فيه التزام الحيادية في العمل وعدم تفشي البيروقراطية، تزامناً مع التعاون الجماعي والقناعة المصحوبة بالرضا عما يقدمه الفرد المتطوع، فالأهمية تجلت واضحة لذاك العمل عندما خصصت الأمم المتحدة 5 ديسمبر من كل عام يوماً للتطوع العالمي.
فريق شباب اللاذقية التطوعي، بعيد كل البعد عن جوهر عمله، لأنه وجه خدماته لمناطق الطائفة العلوية بالبداية، متناسياً قرى وبلدات السنة المهمشة من كل النواحي.
كل البلاد تعاني فيها الفرق التطوعية من معوقات تخفف من إنتاجيتها سواء على صعيد الفرد المتطوع أو المنظمة الخيرية المسيرة لأعمال ذاك الفريق بل حتى المجتمع المحتضن لها، لذلك ليس غريباً أن تجتمع كلها في بلد دخلت الحرب فيه عامها السادس، ليشكك بمجهودها ومصداقيتها المترافقة بنزاهتها أخلاقياً، الأفراد المتواجدين بمحيطها الاجتماعي، ومن هذه المعوقات ( السعي وراء الرزق فالعمل المبذول غير مأجور ويحتاج لوقت طويل، الشللية التي تعرقل سير العمل، الوعي غير الكافي بين أفراد المجتمع لأهمية الفرق، غياب الجدية أحياناً ).
“فريق تطوعي أخر بدأ عمله في مدينة إدلب بعد تحريرها، وتشكيل مجموعة شباب راغبين بالعمل سَخروا أنفسهم عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة أبناء مدينتهم لإعادة الحياة إليها، فوجهوا حملات لإعانة السكان بالمخيمات منها حملة ” خيرك دفا “، ولم يتبعوا العنصرية في الفائدة فتكفلوا بإيواء أهالي الوعر الذين قدموا إلى مدينة إدلب بعد الهدنة المقامة بين النظام والمعارضة، فضلاً عن اتجاههم لتغطية اللوازم في معظم أرياف سوريا المحررة.
أبو محمد من ريف حلب يقول بالعامية:” في متطوعين عم يشتغلوا بمراقبة من ضميرن وساعدوا المحتاجين كتير، لكن بالمقابل أغلبهم جمعوا مئات الدولارات باسم الشعب السوري المضطهد يلي ما تقدملوا إلا القليل “.
كثير من الانتقادات حول التقصير بالعمل تُوجه لعمل المتطوعين، معظم هذه الانتقادات إما مبنية على آراء شخصية، أو أنها غير مبنية على أدلة واقعية، والمشكلة نابعة من عدم تمييز الشعب بين إمكانيات القطاع التطوعي والقطاع الحكومي، والمقارنة صعبة بهذا المجال، فالدعم المادي هو المُحدد الأكبر لاستمرارية عمل الفرق التطوعية إلى جانب قبول الأفراد لها المُوحي بنجاحها، إذا لم يتفشى في هيكلها الفساد، واعتمدت الشفافية في إيصال مساعدة بناءة قوامها مصلحة الجميع قبل الفرد.
تزايدت الفرق الشبابية التطوعية داخل الأراضي السورية، بينما يبقى المدنيون هم المُتلقي الأقل لخدماتها، طالما أن هنالك نفوس سيئة تحكم بعض العاملين بها، فتنشر الكره لها بالأوساط الفقيرة، وتُسيء سمعتها ويَضيع بذلك صدى أعمالها المبذولة.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن