نشر موقع “Atlantic council” تقريراً اطّلع عليه المركز الصحفي السوري، اليوم السبت، وترجمه عنه بتصرّف، حول الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي قد يكون أحد أبرز أسبابه، منح العالم لبوتين حرية التدخّل وقصف المدنيين إلى جانب النّظام في سوريا.
عندما شنت روسيا غزوها لأوكرانيا في الـ 24 من شباط/فبراير الفائت، نظم العالم في أوروبا احتجاجات مناهضة لهذا التدخل، شارك فيها السوريون على نطاق واسع، في دول أوروبا والولايات المتحدة، حيث كان علم الثورة السوية بارزاً، إلى جانب العلم الأوكراني، في جميع الاحتجاجات، مما يظهر التطابق مع قيم الحرية والديمقراطية التي تهاجمها موسكو سواء في سوريا أو أوكرانيا.
تدخّلت روسيا في سوريا عام 2015 إلى جانب رأس النّظام “الاستبدادي والوحشي” الذي هجّر ملايين السوريين، وارتكب جرائم ضدّ الإنسانية، وقصف المدارس والمستشفيات، وقتل ما لا يقلّ عن نصف المليون، من خلال القصف العشوائي، والمذابح، وجرائم التعذيب، والعنف الجنسي.
قادت روسيا حملات تضليل واسعة لتصوير حرب النظام السوري ضد الشعب، على أنّها حرب على الإرهاب، والتستر على استخدام الأسلحة الكيماوية ضدّ المدنيين.
يدرك السوريون جيداً الاختلافات الصارخة بين سوريا وأوكرانيا، وتضامنهم مع أوكرانيا لا يأتي فقط من تجربة مشتركة مع العدوان العسكري الروسي، وإنّما يأتي من الاعتراف بأنّ محنة أوكرانيا أتت بسبب عدم اكتراث العالم بأفعال بوتين في سوريا، فلو أوقف العالم بوتين في سوريا، لكان من الممكن تفادي غزو أوكرانيا.
بإفلات صارخ من العقاب، ارتكبت روسيا جرائم حرب تحت مراقبة العالم، واستخدمت حقّ النقض ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي كان من الممكن أن توقف إراقة الدماء في سوريا.
واليوم شجّع التفويض المطلق الذي تمتّع به بوتين في سوريا، على تكرار حرب مماثلة في أوكرانيا، مع تقارير تثبت قصفه لأهداف مدنية، بما فيها المدارس والمستشفيات، والمناطق السكنية، في جميع أنحاء أوكرانيا.
فيجب على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ضمان حماية الممرات الإنسانية للأوكرانيين، الذين تم إجلاؤهم، لوقف بعض إراقة الدماء، ويجب عليهم انتزاع ضمانات من روسيا بعدم استخدام المدنيين كورقة مساومة، ويجب أن يوضحوا لموسكو أنّه كلما زاد الدّمار الذي تسببه خلال الحرب، سيتعين عليها دفع المزيد لاحقاً للشعب الأوكراني، سواء على شكل تعويضات أو من حيث المساءلة عن ارتكاب جرائم الحرب.
ويتعيّن على العالم أنّ يعرف أيضاً أنّ أوكرانيا ليست المكان الأول الذي تُرتكب فيه مثل هذه الجرائم، ويجب أن يوفر أشكالاً من العدالة والمساءلة عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها روسيا في سوريا.
الجدير ذكره أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا، قد أظهر بوتين على حقيقته، ويأمل السوريون الآن أنّ ينظر العالم إلى محنتهم من أجل الديمقراطية والحرية في سوريا، بمزيد من التضامن.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع