قبل ثماني سنوات، عندما اندلعت الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في شوارع سوريا، قام مسلحون باعتقال والد وفاء مصطفى “علي” من منزله الواقع في دمشق وكانت هذه آخر مرة شوهد فيها أو سمع عنه, وفق ما نشرت صحيفة الغارديان وترجمه المركز الصحفي السوري بتصرّف, متحدّثة عن حياة مصطفى وسعيها الحثيث للعثور على والدها المفقود.
تتحدّث مصطفى عن اعتقال والدها وما شعروا به حينها من ألم وحسرة فتقول: “خلال لحظات قليلة، دمرت عائلتنا, كانت نهاية حياتنا، وبداية نوع آخر من الحياة تماماً”.
كانت مصطفى في الثالثة والعشرين من عمرها,كانت صغيرة جداً حينها, وتبلغ الآن 31 من عمرها ولم تتحدّث إلى والدها منذ ما يقارب من 3 آلاف يوم, وتصف ذلك بقولها: “إنّ فقدان والدي يبدو وكأنّه فقدان جزء من روحي, فبعد أن انتزعته أفرع نظام الأسد منّا, أدركت أنّه حياتي كلّها, وكلّ شيء بالنسبة لي, لقد كان هو القوة الجوهرية وبدونه لم أكن أعرف حتى من أنا”.
تضيف وفاء أنّ العجز المتمثل في عدم معرفة ما حدث لوالدها كان بمثابة “نوع من الموت” فقد فعلت العائلة كلّ ما بوسعها من تأمين محامين ودفع الرشاوى وطرق جميع أبواب مسؤولي النظام, إلا أنّ الأمر كان مجرد صمت.
هيمن بحث وفاء مصطفى عن والدها على كلّ حياتها وأصبحت مناضلة لا هوادة فيها من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين ما زالوا محتجزين في سجون النظام, وتكافح من أجل ضمان عدم نسيان العائلات الذين تركوهم خلفهم.
تؤكد مصطفى أنّ ما يمر به السوريون يعتبر مأساة جماعية عاشتها كل عائلة سورية وتقول: “ما نمر به هو قصة مأساة جماعية في سوريا، أشك في وجود عائلة واحدة لم يتم اعتقال أو اختطاف أحد أحبائها, لذلك فأنا أدافع عن الحرية للجميع”.
تمتلك عائلة علي مصطفى يقيناً من أنّ أولئك الذين جروا علي بعيداً كانوا يتصرفون بأوامر من نظام الأسد, فقد كان علي منتقداً صريحاً للنظام ومؤيداً للثورة السورية، التي كانت تبدو عندما اختفى عام 2013، وكأنها تمتلك الزخم لإسقاط الدكتاتورية.
تنحدر عائلة مصطفى من مصياف، وهي مدينة متنوعة دينياً وسياسياً في شمال غرب سوريا، على بعد 3 ساعات من دمشق.
وكان قد تعرض علي قبل اختفائه, للاعتقال والاحتجاز والتعذيب من قبل النظام بسبب نشاطه في مجال حقوق الإنسان ومعتقداته السياسية.
الجدير ذكره أنّ أكثر من 150 ألف مدني اختفوا في مراكز الاعتقال أو تعرضوا للتعذيب والقتل على يد نظام الأسد أو جماعات مسلحة أخرى في صراع مزق ملايين العائلات السورية منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011.
ترجمة: محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع