بعد أن كان حلم الكثير من الشباب في سوريا الحصول على عمل في مؤسسات الدولة قبل الثورة لما يتطلبه هذا الحلم من صعوبات كالرشاوى و الانتظار والدراسات والتقارير الأمنية قبل أن يتحقق هذا الحل.
المهندس “عبد الرحمن” وهو أحد موظفي مؤسسة المياه في ريف ادلب تحدّث عن الصعوبات التي اعترضته حتى استطاع تحقيق حلمه في الحصول على عمل في الدولة فيقول: “تقدمت إلى ثلاث مسابقات بعد تخرجي ولم يتم قبولي لأن والدي كان منتسباً لتنظيم الإخوان المسلمين بحسب التقارير الأمنية وبعد أن دفعت الرشاوى للمسؤولين تجاوزت العقبة وحصلت على وظيفة بشقّ الأنفس”.
ومع انطلاق شرارة الثورة منذ حوالي 5 سنوات وخروج العديد من المناطق عن سيطرة النظام و إلغاء النظام لمؤسسات الدولة فيها ونقلها الى مناطق سيطرته تغيّرت المعادلة وبدأت معاناة العاملين في الدولة من أبناء المناطق المحررة حيث قام النظام بفصل ما يقارب 6 آلاف عامل من عمله حتى نهاية عام 2013، والعدد في تزايد متجاهلا القوانين الدولية التي تحمي العاملين في مؤسسات الدولة، وقد تزايد عدد المفصولين عن عملهم مع استمرار الثورة إما لأسباب أمنية كاستدعائهم لمراجعة أحد الفروع الأمنية أو للخدمة العسكرية أو الاحتياطية مما اضطره الى ترك عمله قسراً.
“محمد” أحد موظفي مشافي الدولة سابقاً يقول :” تركت عملي منذ حوالي سنتين بعد استدعائي لمراجعة أحد الأفرع الأمنية بحجة مساعدة المصابين من الثوار فتركت عملي في الدولة والتحقت بالمشافي الميدانية للعمل فيها في المناطق المحررة”.
بينما بخبرنا السيد رائد أنه ترك عمله طواعيةً في أحد أفرع الأجهزة الأمنية لما رآه من أساليب التعذيب التي يتبعها النظام ضدّ معارضيه ومثله الكثير من الشرفاء الذين انشقّوا عن النظام بسبب الظلم الذي اتبعه النظام ضدّ الأبرياء من الشعب،
ومما زاد في معاناة العاملين في مؤسسات الدولة إجبارهم على الذهاب الى مناطق سيطرة النظام والالتحاق بدوائره فيها وما ترتب على ذلك من أعباء فصعوبة الطريق وكثرة حواجز النظام والأعباء المالية التي يتحملها من أجور النقل ورشاوى الحواجز حتى يصل إلى عمله والأجور المنخفضة التي يتقاضاها العامل في الدولة والتي لاتتجاوز 100$ في الشهر وتردي الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة في المناطق المحررة كل ذلك دفعهم للبحث عن عمل بديل.
الأستاذ معاذ مدرّس في المناطق المحررة يقول:” بعد إجبار النظام لعاملي الدولة على الذهاب إلى مناطق سيطرته لتقاضي رواتبهم باليد حصراً ذهبت إلى حماة للحصول على راتبي وقد دفعت (25000) ل.س أي راتب شهر كامل حتى استطعت أن أحصل على راتبي عن الشهرين الماضيين وهو ما يجعلني أفكر بالبحث عن عمل بديل، وعندما أجد هذا العمل لن أتوانى عن ترك عملي في الدولة”.
مع العلم أن العمل في المؤسسات والمنظمات في المناطق المحررة أفضل بكثير من العمل في دوائر الدولة فالأجور مضاعفة فيها كما قال السيد محمد أنه كان يتقاضى حوالي 23 ألف ليرة سورية في عمله بمشافي الدولة، أما الآن فإنه يحصل على 350$ أي أضعاف راتبه من الدولة.
سيبقى الخوف من الفصل من وظائف الدولة قائماً حتى تستطيع المؤسسات البديلة عن مؤسسات الدولة تأمين فرص عمل للمفصولين من وظائفهم و أن تكون قادرة على تأمين عمل بديل لكل شخص تم فصله قسراً أو ترك عمله طوعاً.
وهكذا بعد أن كانت الوظيفة حلماً يراود الكثير من الشبان السوريين أصبحت الآن كابوساً على أصحابها.
وجعلتهم يتساءلون إلى متى سيبقى عملنا يقيّدنا ويمنع مشاركتنا بشكل فاعل بتحرير سوريا من رجس النظام ؟
المركز الصحفي السوري – وسيم القاسم