يواصل النظام في مناطق سيطرته مضاعفة أسعار المواد الأساسية بنسب تفوق مقدرة الأهالي، دونما مراعاة للظروف القاسية التي تمر على البلاد.
أعلنت وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام ،يوم السبت الفائت، عن رفع أسعار الإسمنت المنتج لدى المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء بنسبة 80٪، هي الزيادة الثانية في العام الجاري.
أُحدِثتْ المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء في عام 1975، وتم تعديل مرسوم إحداثها منتصف كانون الأول/ديسمبر من عام 1979.
وأعلنت الوزارة سعر الطن ب 125,500 ل. س، عوضاً عن 66900 ل. س، وسعر الكيس الواحد من المادة أصبح 6275 ل. س، بعد أن كان 3345 ل.س.
وحول الأسباب تذرعت الوزارة بأن الزيادة جاءت بناء على توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها الأخيرة، وعلى كتاب من وزارة الصناعة تضمن تكاليف الإنتاج.
ولدى المؤسسة العامة للإسمنت شركات تابعة لها؛ منها شركة عدرا لصناعة الإسمنت بريف دمشق، وشركة الرستن للإسمنت بمحافظة حمص، وشركة الشهباء بحلب، وشركات أخرى عدّة منتشرة في عموم المحافظات السورية.
وتأتي هذه الزيادة عقب شهور من إعلان الوزارة قراراً في أغسطس/آب الفائت، يقضي برفع سعر كيس الإسمنت بنسبة 52٪ تقريباً، ليصل الكيس إلى 6275 ل. س بدلاً عن 3500 ل. س.
يضطر عامة الناس إلى الشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة غير ثابتة، ويتجاوز سعر الطن الواحد منه ال 200 ألف ل. س؛ لعدم توفره بكميات كافية لدى شركات المؤسسة العامة.
وكانت قد تضررت شركات الإسمنت خلال سنوات الثورة بعشرات المليارات الليرات السورية، فقد تكبدت شركة إسمنت البادية خلال تسعة الأشهر الأولى من العام الحالي خسائر صافية بقيمة 17.4 مليار ل. س، مقارنة مع أرباح قاربت 11 مليار ل. س، حققتها خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، بحسب موقع الاقتصادي.
حال الإسمنت كحال مواد البناء التي تضاعفت أسعارها هي الأخرى. فقد قفز سعر طن الحديد المعد للبناء، بحسب موقع بزنس 2 بزنس، خلال الأشهر الأخيرة إلى أسعار غير مسبوقة في سوريا منذ أكثر من 10 سنوات. ففد لامس المليون وخمسائة ألف ليرة، بعد أن كانت بنحو نصف هذا السعر عام 2019، لترتفع بذلك تكلفة إكساء شقة مساحة 100 متر ما بين 10-15 مليون ليرة سورية كسوة عادية.
أدت هذه الزيادات في أسعار المواد بدورها إلى ركود السوق المحلية؛ بسبب انخفاض دخل الفرد، وعدم تناسبه مع غلاء المعيشة الكبير، وانهيار الليرة السورية مقابل الدولار لمستويات قياسية.
ولكن تراجع حركة البناء لم يؤثر على الطلب المتزايد على المادة في السوق السوداء؛ بسبب عمليات تهريب للحديد والإسمنت التي تشهدها الحدود السورية العراقية بإشراف الميليشيات الإيرانية وحرمان السوريين منه.
ويعمق غلاء مواد البناء الأزمات للمواطنين في مناطق سيطرة النظام ممن تهدمت منازلهم، وتضررت نتيجة القصف، ليقفوا عاجزين عن ترميمها أو إعادة بنائها. وقد اضطر بعضهم إلى الاستئجار، أو استخدام الأقمشة العازلة لسد الفتحات في الأسقف والجدران.
َيقابل ارتفاع أسعار تلك المواد ارتفاعٌ في أسعار العقارات وبدل الإيجار؛ إذ يبلغ متوسط أسعار الشقق الجاهزة حوالي 50 مليون ل. س، وهو مما لا يتناسب مع دخل الفرد الشهري المتدني المقدر بأقل من 50 ألف ل.س.
وعمد النظام من خلال ميليشياته إلى التضييق على مصانع الحديد والإسمنت الخاصة في سوريا، بفرض أتاوات كبيرة على مالكيها وعلى شحنات توريد موادها، ما دفع عشرات شركات ومصانع البناء إلى الإغلاق العام الماضي. لتبقى تجارة هذه المواد حكرا على شخصيات محسوبة على النظام.
يعمل النظام برفعه أسعار مواد البناء بعكس اتجاه عملية إعادة الإعمار في سوريا، وربما ستبقى حلماً متعثراً في ظل عراقيل يضعها نظام يضرب الفساد أطناب دولته ومؤسساته.
صباح نجم
المركز الصحفي السوري