اللاعب شادي نحاس الكندي يفوز على لاعب الإمارات إيفان رومانكو في دورة الألعاب الأولمبية.. لا تعيد قراءة الأسماء مرة ثانية أنت لست مخطئاً.. فالمفارقة المضحكة المبكية أن الأول ذو أصول عربية والثاني أجنبي جنسته الأمارات كما تفعل اليوم مع شرائح مختلفة من الناس تمنحهم الجنسية أو الإقامة، بينما تضن بها على إخوتهم بالدم واللسان، حتى أنها تحرم أبناء الإماراتيات من الجنسية.
أليس غريباً أن تتشرد العقول العربية والمواهب في أصقاع الأرض كافة، بينما يحرّم عليها دخول الأرض العربية إلا بفيزا وشروط تعجيزية!!
لماذا نجد الدول الغربية تستقطب المهاجرين أصحاب الكفاءات وتؤمن لهم البيئة الخصبة وتمنحهم الجنسية وجواز السفر، ليبدعوا وينالوا مكانة مرموقة في المجتمع، ويكونوا رافعة ثقافية وحضارية لهذه الدول المضيفة، بينما بلادهم الأصلية تعاني وتشكو تخلفاً وندرة في الاختصاصات؟
يذكرنا ذلك باختلاف تعامل الدول مع موجات هجرة السوريين الذين فروا نتيجة قصف ووحشية النظام وانتشروا في الأرض، تعامل متباين نلحظه بين الشرق والغرب، حيث لاقى السوريون أصحاب الكفاءات والمهارات الترحيب والدعم والمساندة في الدول الغربية، أما في دول الشرق العربية فهم إما محجورون في مخيمات لا تتوفر فيها شروط الحياة الإنسانية أو يعاملون كطبقة ثانية من البشر، بلا غطاء قانوني يحميهم من الاستغلال أو جنسية تمنحهم جواز سفر.
منطقتنا العربية تعاني منذ عقود من هجرة الأدمغة والعقول، فالدراسات تشير الى أن العالم العربي يساهم في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وأغلب هؤلاء لا يفكرون بالعودة إلى بلدانهم والمساهمة في تطويرها، مما يزيد من فجوة الحضارة والتقانة للدول العربية، القائمة أساسا على سلطة عسكرية أو عشائرية أو عائلية جاهلة وفاسدة طاردة لأي فكر تنويري.
البيئة القمعية للأنظمة العربية تفضل الولاء للحاكم على المهارة والاتقان في العمل، الأمر الذي فاقم من ظاهرة هجرة العقول ودفع البقية الباقية الى الانعتاق من السجن الكبير المسمى وطن، إلى أرض لا يظلم فيها أحد أو ينتقص من علمه أو مهارته لصالح حزبي متسلق أو منافق منبطح..
نذكر هنا كيف كانت أبواب الكليات في سوريا مفتوحة لمنتسبي حزب البعث وشبيبة الثورة بغض النظر عن معدلات نجاحهم في الشهادة الثانوية، ثم يستمر هذا الخلل في طريقة الحصول على البعثات الدراسية أو الوظائف، مما أفرغ مؤسسات الدولة من الكفاءات، ووضع بدلاً عنها روبوتات بشرية هدفها تسجيل ساعات حضور والحصول على الراتب بلا تطوير أو تقديم قيمة مضافة في العمل.
صديق سوري يعمل طبيباً في بريطانيا وحصل على جنسيتها يقول “لي لم أكن أستطيع زيارة أي بلد عربي قبل الحصول على الجنسية البريطانية التي فتحت لي كل الأبواب وأصبح مرحباً بي رغم أن الجنسية لم تزد من خبرتي أو مهارتي الطبية شيئاً”..
الدول العربية يا سادة تخنق نفسها بحبل من صنع يديها اسمه هجرة العقول.
محمد مهنا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع