المؤامرة التي تتعرض لها الثورة السورية كبيرة جدا، ويندر أن نجد مثالا لها في التاريخ، فقد تآمر على الثورة السورية، أعداؤها، وهذا شيء طبيعي، ومن ادعوا دعمها ، زورا وبهتانا، وتنكر لها أشقاؤها، وتحول السوري في العالم العربي إلى “كائن مرفوض” تماما مثلما حدث الفلسطيني قبله.
أربعة أعوام مرت على الثورة السورية العظيمة التي انطلقت في الخامس عشر من مارس 2011 عندما خط أطفال درعا على أحد الجدران “أجاك الدور يا دكتور”، في إعلان واضح أن الشعب السوري سيتخلص من النظام الدكتاتوري لآل الأسد وطائفته وحزبه الذين ساموا السوريين سوء العذاب، وأشعلوا ثورة سلمية من أجل “إسقاط النظام”، لكن ردة فعل نظام بشار الأسد الإرهابي، جاءت وحشية وهمجية ودموية، أغرقت السوريين في الدماء والدموع بالتحالف مع المحور الشيعي “إيران – العراق – حزب الله – كتائب أبو الفضل العباس وعصائب أهل الحق وغيرها”.
لم يكن أحد في العالم يتصور أن يكون نظام بشار الأسد وحشيا إلى هذه الدرجة، وكان هذا خطأ كبيرا في الحسابات، فقد كان يتوجب النظر إلى ما فعله والده حافظ الأسد الذي قتل 100 ألف سوري أثناء حكمه، منهم 42 ألف سوري قتلهم في حماة خلال 21 يوما من الحصار والقتل والقصف الجوي والمدفعي، وهذا يفسر “الحقد الأسود” لبشار الأسد ونظامه وأجهزته وطائفته العلوية المدعومة من الشيعة ضد الشعب السوري، وقتله ما يزيد عن 300 ألف إنسان خلال 4 سنوات، أي أنه يقتل حوالي 9 أشخاص في الساعة، وهو معدل لا مثيل له في التاريخ الحديث بما يتعلق بقتل أشخاص مدنيين أبرياء عزل، وفي حرب يشنها نظام ضد شعب يقوده.
هذا النظام الذي فاق النازية والفاشية والصهيونية معا في إجرامه وفتكه ودمويته، فقد شرد 11.4 مليون سوري من ديارهم وبيوتهم، ووضع 14 مليون طفل سوري في مهب الريح، وجرح أكثر من نصف مليون، واغتصب زبانيته أكثر من 20 ألف حالة موثقة وربما كان العدد أكبر من ذلك بكثير، إضافة إلى 50 ألفا من المفقودين، وتدمير نصف المنازل والعمارات والمنشآت في سوريا، وتقدر الخسائر حتى الآن بنحو 300 مليار دولار.
لم يستطع العالم أن يرى نظام الأسد الإرهابي وهو يرتكب أكثر من 500 مجزرة دامية منها أكثر من 100 مجزرة من العيار الثقيل التي أبيدت فيها قرى وعائلات وأحياء بكاملها، ويكفي أن ننظر إلى حمص وحلب وحماة ودرعا وإدلب لنرى هذه الحقيقة ماثلة للعيان، وهي مجازر استخدم فيها الغازات السامة والأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية وغيرها من الأسلحة المحرمة دوليا.
رغم كل هذه المجازر التي تلطخ جبين العرب والإنسانية كلها، يأتي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ليقول إنه “لابد من التفاوض مع الرئيس بشار الأسد” من أجل انتقال سياسي في سوريا، ويعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” جون برينان أن الولايات المتحدة لا تريد انهيار الحكومة السورية والمؤسسات التابعة لها لأن من شأن هذا الأمر أن يخلي الساحة للجماعات الإسلامية المتطرفة ولا سيما تنظيم “الدولة الإسلامية”، ويقول: “لا أحد منا، لا روسيا ولا الولايات المتحدة ولا التحالف “العربي-الغربي” ولا دول المنطقة، يريد انهيار الحكومة والمؤسسات السياسية في دمشق”.
هذا الموقف الأمريكي، الذي يتزعم ما يسمى “العالم الحر” يظهر بوضوح أن “الأسد ونظامه” زبائن مقبولون للغرب والقوى الإقليمية والدولية .
سمير الحجاوي – الشرق القطرية