على ارتفاع 1200 متر عن سطح البحر بمنطقة جبل أكروم اللبنانية يعيش اللاجئون السوريون المعاناة تلو الأخرى في مشهد يتكرر مع تجدد العواصف الثلجية، ولا يسعهم سوى الصبر، حيث يقطنون منازل لم تجهز للسكن.
تستيقظ عائلة “المحمد” في منطقة فنيدق بجرد عكار بعد نزوحها من مدينة حمص السورية على درجة حرارة بلغت ثلاثا تحت الصفر، وكل ما في البيت الهزيل بارد جداً، حتى المياه تجمدت في الأنابيب، ولا سبيل سوى تسخين الثلج وتذويبه.
الابن البكر سعيد -الذي التقته الجزيرة نت أمام منزله- يقوم بتذويب الثلج في مشهد غريب عن هذا القرن، لكنه واقع ملموس يعيشه الكثير من اللاجئين.
فيجمع سعيد الثلج في وعاء ثم يدخله المنزل، ويسخنه على المدفأة، ويقول إنه يساعد أمه في تحضير شيء للصباح.
ويضيف أن هذه العاصفة تبدو قوية جداً، ولا يوجد في البيت ماء للشرب، ولا سخان للمياه، وأن عائلته تعيش ظروفا قاسية جداً، موضحا أن المشكلة الأكبر هي عندما ينفد المازوت اللازم لتسخين الماء.
هذا المشهد لا يقتصر على حياة سعيد وحده، بل يعبر عن أوضاع اللاجئين هنا، فثمة آخرون في منازل غير مجهزة، ويدخلها البرد ضيفا ثقيلا بلا استئذان، كما هي حال الحج خليل الناصر صاحب العقد السادس، الذي يعيش وزوجته في غرفة صغيرة في منطقة جبل أكروم.
يتحدث الحاج ببطء، وقد اعترته علامات الإحباط، “أعيش هنا منذ أربع سنوات، وليس لنا من معيل إلا الله وبعض المحسنين، وكما ترون أنا رجل مريض بالسكري وغير قادر على الحركة، وهذه العاصفة أنهكتنا كثيرا”.
وناشد الحاج خليل العالم أن يؤمّنوا لهم الدفء، وقال “كنا نطلب الطعام، لكننا اليوم نطلب الماء فقط”، مؤكدا وفاة أحد المسنين العام المنصرم في هذه المنطقة بسبب مثل هذه الظروف.
من جانبه، أقر رئيس بلدية “السهلة” عدنان الخطيب بتقصير الدولة اللبنانية بحق مواطنيها والضيوف اللاجئين، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن أزمة العاصفة تتكرر كل عام، حيث تتسبب في تعذر وصول المساعدات نظرا لإغلاق الطرق بالثلوج.
وطالب السلطات اللبنانية بإقامة مركز تابع لوزارة الأشغال مجهز بجرافات حديثة حتى تبقى الطرق مفتوحة.
كما دعا الخطيب الاتحاد الأوربي والمنظمات الإنسانية العاملة للتدخل السريع لحل هذه الأزمة الإنسانية، مشيرا إلى وجود أكثر من 1500 عائلة لاجئة وضعها يمكن وصفه بالتعيس جداً.
وتساءل: أين المؤتمرات التي تعنى بهذه المسألة والدول التي تقول إنها تقف بجانب الإنسان وحقه في العيش؟ اليوم هؤلاء حقهم أن يجدوا مياها للشرب وتوفير الدفء لأولادهم وكبارهم، ونحن كبلدية مخصصاتنا ضئيلة أمام كارثة إنسانية تتحملها الدولة بوزاراتها المعنية.
وحال الساحل العكاري ليست أفضل من المناطق الجردية، فمعظم تجمعات اللاجئين وخيامهم غمرتها المياه والوحل والأتربة، بينما واصل اتحاد الجمعيات الإغاثية وائتلاف الجمعيات الخيرية تقديم المساعدات ضمن إمكانيات بسيطة.
المصدر : الجزيرة