التسحيب والتعدين صناعات معدنية في الشمال السوري تتهاوى بين صعوبات استيراد المادة الخام من بلد المنشأ وتأثير الحرب الأوكرانية على سعر المادة الخام وعقبات التصدير إلى أسواق العراق وتأثير الانتفاضات هناك.
الصناعة ومزاولتها في المنطقة المحررة
تسحيب المعدن هي صناعة قديمة في سوريا تعتمد على سحب مقطع السلك المعدني من 1.5 مم إلى11 ديزم ومن ثم صقله وترقيقه ولفه ليتحول إلى سيفة الجلي المعروفة “جلاية” يقول “أنس أبو محمد” تاجر وصاحب معمل عن هذه المهنة إنها قديمة جداً وكان سوق انتشارها في حلب، أما بعد الحرب ففي المناطق المحررة اشتهرت بها قريتي “الغدفة ومعرشورين” شرقي المعرة، وبعد هجمة النظام على تلك المناطق رحل أهل هذه الصناعة, فانحصرت شمال حلب في منطقتي “اعزاز ومارع” ولكن فقدت ثلث مكنات المنطقة بقصف النظام وتركت تحت الركام.
الاستيراد والتصدير والعقبات
يقول المستورد “أبو محمد” “كانت البضائع تأتي من الأسواق الصينية والمادة الخام حديد مخلوط بالزنك، وهي نفس مواد الخام لما يعرف بشريط التربيط، أما اليوم البضائع تركية وأوربية ذات جودة أعلى ولكن أسعارها غير مستقرة وأثرت الحرب الأوكرانية كثيرا على استقرار سوق الحديد بشكل عام، إضافة لتأثيرها في أسواق النفط مما ينعكس على تكلفة الانتاج الخام وارتفاع أجور النقل، مما يرفع كلفة المادة ويتسبب في عوائق التصدير إلى العراق فقد كانت تكلفة طن الخام قبل سنة 1200$ قبل الحرب الأوكرانية اليوم سعره 1600$”.
ويزيد “ابراهيم” تاجر سيف ومدير شركة تصدير “عانينا مؤخرا في التصدير إلى الأسواق العراقية بسبب الاحتجاجات في العراق, مما يؤخر تجار العراق في الدفع, وإغلاق بعض الطرقات التي أدت إلى تأخير تسليم البضائع”
هذه المعوقات وغيرها سببت في بيع الكثير من أصحاب الورشات الصغيرة آلاتهم، وتحولوا من أصحاب عمل إلى عمال بعدما أفلسوا.
صعوبات في سوق العمل الداخلي:
“ككل الصناعات، روحها الكهرباء والنفط” يقول نذير ” أسعار الكهرباء غير مستقرة، وصعوبات في التعامل مع شركات الكهرباء، فيختلف سعر الكيلو واط بين مدينتين في نفس المنطقة فسعر كهرباء شركة “اعزاز” مثلا أغلى بليرة تركية عن شركة “مارع” مما يؤثر سلبا على مصنعي منطقة اعزاز وهناك أيضا موضوع الصيانة فأحياناً تقف مكنة لشهر لتأخر وصول قطعة تبديل للمكنة أو لمخارط الصيانة ”
سوق كبير وعمالة:
على الرغم من الصعوبات في الانتاج والتصدير إلا ان هذه المهنة توفر بعض الدخل للكثير من الأسر
يقول “أبو عبدو” تاجر جلاية سيف وصاحب مصنع في مارع ينتج المحرر ما يقارب 200 طن سيف شهريا وهذا الرقم ليس بالسهل، فإنتاج هذا الكم يعني أن هناك /300/ عامل يعمل في هذه المهنة، أي توفير دخل لـ 300 أسرة، أغلبها أسر نازحة.