مع إنطلاق شرارة الثورة في آذار عام 2011م ،وما حملته من مآسي لهذا الشعب بسبب الأساليب التي اتبعها النظام في قمعه لها.
لم يرض عدد كبير من السوريين الشرفاء الذين يعملون بمؤسسات النظام الأمنية والعسكرية عن الطريقة التي اتبعها النظام في وجه المتظاهرين السلميين في البداية، فقرّروا الإنشقاق عنه والإلتحاق بركب الثورة، فمنهم من التحق بالعمل المسلح وانضم إلى الفصائل المقاتلة ضدّ الّنظام، ومنهم من التجأ إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة بحثاً عن عمل بديل لتأمين قوته وقوت عياله.
“أبو خليل” واحد من الشرفاء الذين انشقّوا عن النظام منذ بداية الثورة، لما رآه من الظلم والاضطهاد الذي يتبعه النظام في وجه شعبه، حيث تحدث لنا فقال: ” كنت رجل أمن في إحدى الدوائر الأمنية منذ 15 عاماً، ومع بداية الثورة تحول القسم الذي أعمل به إلى معتقل للمئات من المتظاهرين السلميين ومقر للتعذيب فلم أستطع تحمّل رؤية المعتقلين من الشباب وكبار السن وهم يتعذبون بأشد أساليب التعذيب، ولا أستطيع أن أقدّم لهم أية مساعدة فقررت الانشقاق عن هذا النظام المجرم”.
ويتابع :” فبعد أن تركت عملي بدأت رحلة البحث الشاقة عن عمل بديل، ففي البداية شاركت مع الفصائل المقاتلة في قتال النظام مثلي مثل الآلاف من المنشقين، ومن ثمّ بدأت أبيع الوقود على أحد الطرق الرئيسية في بلدتي واستمريت بهذا العمل حوالي سنتين، وكان مردوده بسيطاً، إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار، فرضت عليّ البحث عن عمل آخر علني أستطيع من خلاله الصمود في وجه غلاء الأسعار وصعوبة المعيشة ، فقررت السفر للعمل في تركيا، بعد أن سمعت أن الأجور هناك أفضل بكثير من العمل هنا في بلدتي ،فأمضيت حوالي سنة ونصف هناك ومن ثمّ عدت وسمعت المئات من القصص من اللاجئين هناك والمعاناة التي عانوها بعد تركهم لعملهم في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية إلا أنهم يؤكدون أنهم أفضل حالاً من البقاء تحت رحمة النظام، وبعد ذلك حصلت على عمل في بلدتي كعامل على إحدى المولّدات الكهربائية التي انتشرت في المناطق المحررة، بعد أن قام النظام بقطع الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء عن المناطق التي خرجت عن سيطرته”
بعدها اصبح ابو خليل يتقاضى أجراً شهرياً لقاء عمله، وتحسنت أحواله، حال ابو خليل كحال الأعداد الكبيرة للمنشقين المتواجدين في المناطق المحررة والذين لا يستطيعون الحصول على عمل.
ويجدر بالذكر أن هؤلاء المنشقين لم يحصلوا على المساعدات المرجوّة لهم، فاقتصرت المساعدة على بعض السلل الإغاثية من حين لحين، وهي لا تكفي لأن تكون وسيلة المساعدة البديلة عن عملهم الذي تركوه طواعية وتضحية منهم في سبيل خدمة الثورة ودعم الحراك الثوري.
ويبقى السؤال ؟
إلى متى سيبقى الآلاف من العاطلين عن العمل في المناطق المحررة من الشباب والمنشقّين عن النظام ينتظرون فرصة عمل؟ وإلى متى ستبقى أوضاعهم تزداد سوءاً على سوء وفقراً على فقر؟ أليس من حقهم الحصول على عمل بدلاً من وظائفهم التي تركوها طواعيةً سؤال سيبقى يراود كل واحدٍ منهم، وتبقى الإجابة رهناً بالجهات المعنية في المناطق المحررة التي يتوجب عليها حل هذه المشاكل.
المركز الصحفي السوري – وسيم القاسم