حصلت تبدلات جذرية في الأدوار بين السوريين أنفسهم، وبين العرب والأجانب من دول العالم كافة، في حين تستنزف سورية خلال الحرب كافة موارد تنميتها البشرية والمادية.
30ألف مقاتل أجنبي بعضهم مع عائلاتهم انضموا لصفوف الفصائل المعارضة للنظام ولتنظيم الدولة الإسلامية، يقابلهم آلاف المقاتلين اللبنانيين والإيرانيين بل حتى العراقيين المساندين لقوات نظام الأسد، حيث غادر المئات من جنود نظام الأسد وغيرهم العديد من عناصر المعارضة المقاتلة على أرض سوريا بعد فتح باب اللجوء إلى أوربا، بينما آلاف العائلات السورية هاجرت من ديارها للدول المجاورة أو البعيدة تحت ضغط مصاعب الحياة في ظل الأزمة.
8 مليارات دولار أنفقت سوريا لتأهيل 5 آلاف طبيب، إلا أنهم هاجروا من بلدهم التي هي بأمس الحاجة لهم خلال الحرب الدائرة فيها، لأن أكثر من مليون ونصف حالة إعاقة خلفتها الحرب كان من المفترض أن تتداوى على أيدي أطباء بلدها، لكن للأسف مئات الأطباء الأجانب دخلوا مدن سورية عدة كغوطة دمشق الشرقية رغم خطرها ليؤدوا مهنتهم الإنسانية ويشعروا بقيمتها.
ظهرت مبادرات فردية في مجال الإعلام من قبل الشباب السوري ضمن الحركة الشعبية التي بدأت منذ خمس سنوات بعد أربعين عاما من سلب حرية الرأي، فحينما كانت تغطية الأحداث أحادية الجانب من قبل إعلام النظام، دخل عشرات الصحفيين من العرب والغرب إلى معظم المحافظات السورية ليستمروا بنقل رسالتهم حول حقيقة الواقع، رغم أن سورية صنفت من أخطر دول العالم على الصحفيين بعد أن وقع العديد منهم بين شهيد وجريح ومعتقل على يد أطراف النزاع، و ها هو”ريمي أوشليك” المصور الفرنسي الذي غطى جميع ثورات الربيع العربية قتله النظام السوري، وفق تقرير لمنظمة حقوق الإنسان.
لم يقتصر أمر الهجرة على المذكورين سابقاً، لأن لجوء المئات من الخبراء الفنيين المهندسين مع المعماريين أمر ساهم بتراجع سوريا عشرات السنين إلى الوراء، فالنظام هجّر تلك العقول ليستقدم مع بداية الثورة الخبراء سواء العسكريين أو السياسيين من روسيا وإيران ويحافظ على بناء دولته بفرض قوة السلاح ، ثم يستطرد بتدمير كل مقومات الحياة لشعبه، بذلك أصبح الساحل السوري عموماً وجبلة مع طرطوس بالتحديد قاعدة عسكرية وأرض خصبة للخبراء الفنيين الروس خاصة بعد التدخل الروسي العلني في سوريا.
ملايين اللاجئين السوريين فروا إلى مناطق مختلفة من دول العالم، وتخلّوا عن أرضهم بفعل السياسات المتبعة من مجمل الجهات المتضاربة كالتجويع والحصار والتخريب، متناسين أن البلد لا تنهض إلا بهمة أبنائها، فهل من دخلها من أجانب وعرب أثناء عملية تبادل الأدوار سيعودون بالفائدة عليها وعلى مستقبل أولادهم؟
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن