سوريون نحن، وبلدنا بات عنوانه أوجاع وهموم لم تعد تحصى أو تعد، فأسباب الهم باتت متعددة، والشعب هو نفسه الذي جربت فيه الأزمة جميع أنواع القهر وأشدها إيلاما، وضمن حدود هذا الوطن التي حاصرت الناس حتى في مرضهم، وجعلتهم في حيرة من أمرهم لا يعرفون أين يذهبون بحالهم حين المرض، ترى أين المفر؟ فلا تسهيلات لهذا الشعب للعيش، بل “تنغيصات” متكررة على حياته، ولا أسهل من روح تزهق في بلد صارت حدوده دماء شعبه.
عملية مستعجلة لمريض قلب تنتظر ومازالت تنتظر، ثلاثة أشهر متواصلة! رغم استعجال الأطباء لها، “أبو اصطيف” يعاني من انسداد أربعة شرايين ويحتاج إلى عملية قلب مفتوح، لكن ولسوء حظه فهو مواطن سوري، إذاً عليه أن يقاسي كثيرا فانعدام المعدات الطبية والمراكز المتخصصة لهكذا أمراض مستعصية في المناطق المحررة وعدم قدرة كثيرين “كأبي اصطيف” للذهاب إلى مناطق النظام، والعلاج هنا في سوريا لملاحقة النظام له، جعله يلجأ لطلب العلاج في إحدى المشافي في تركيا، يقول “أبو اصطيف”: “ختم الدكتور على ورقة المعاينة وقال لي انو عمليتك مستعجلة بس لما سجلت دور ع المعبر حطولي دوري بعد ثلاثة أشهر ولسا دوري لآخر الشهر السابع ونحنا بالشهر السادس”.
وحين سألنا أبا اصطيف فيما إذا كان بإمكانه طلب تقريب دوره على المعبر قال: “عليّ أن أدفع 300دولار وهذا ما لا قدرة لي عليه خصوصا أن منزلي قصف وعليّ تأمين مسكن لأسرتي قبل ذلك”، هذه الحالة التي تضع حياة عديد من السورين في المناطق المحررة على محك الإنسانية!
لا يتوقف الأمر عند أمراض القلب بل يتعدى ذلك إلى كثير من الأمراض التي لا مراكز تهتم بمرضها، بالإضافة إلى نقص في الأطباء والكوادر الطبية أو حتى عدم توفر المراكز الطبية والأدوية أصلا لها، أحمد طبيب من ريف إدلب يقول: ” لم يكن لدينا أصلا في فترة وجود النظام الكثير من المراكز، وكنا نحوّل العديد من الحالات إلى الشام كما في حالات مرضى السرطان لأخذهم الجرعات، وأيضا في حالات مرضى القلب كثيرا ما كان يتم تحويلها إلى الأردن أو لبنان”، أما الآن وخصوصا بهذا الوضع تقتصر العمليات الجراحية على العمليات الإسعافيّة، ونضطر لتحويلها إلى المشافي الحدودية، لكن في كثير من الحالات يفقد المريض حياته في طريق وصوله لمكان العلاج.
معبر باب الهوى المعبر الحدودي الوحيد المتبقي أمام السوريين في المناطق المحررة، فبات الملاذ الأخير كما الأمل الأخير لينقذ حياة كثيرين عانوا الحرب، ويعانون آلام الحياة إذا ما جرعتهم وأسقتهم ذل الانتظار.. الذي بات آخر بطاقة تأمين على حياة من هم في سوريا! وإلى متى سيبقى هكذا؟ يجيب أبو اصطيف: “الله وحده يعلم”.
المركز الصحفي السوري- آية رضوان