كان الزواج بألمانية أو أية أجنبية حلم يراود الكثير من الشاب الذين كانوا يرونه ضرباً من المستحيل. ربما أكثر الأسباب التي كانت تغريهم هي اختلاف الثقافة واختلاف الشكل (الشقراوات) أو حتى الحصول على جنسية البلد المنتمية إليه، وهذا ما يدفع الكثير من اللاجئين لفعلها أي الزواج من ألمانية، خاصة أنهم أصبحوا على مسافة أقرب، وأصبح الموضوع أكثر سهولة من قبل، هل هذا الأمر لا زال حلما أم أن الموضوع بدأ يتكشف بتفاصيل تجرد من أهميته وصعوبة مناله بعض الشيء، بعد أن أصبح سهلاً مستطاعاً وبدأت العيوب والمحاسن طافية على الوجه ليصبح قرار الاختيار أكثر سهولة.
الزواج قد يضع حدّاً للعلاقات غير الشرعية
أول ما دفعني للزواج منها هو وحدتي، وأنِّي بحاجة لأحدٍ يهتم بي، تركت أهلي وتركت وطني وتركت كل شيء وأتيت ألمانيا. لا أفكر أبدا أن يكون لي علاقات عابرة، وكانت كاترين وهو اسم زوجتي طيبة بما يكفي لأتعلق بها، يقول حامد، وهو يصف زوجته الألمانية بكل الحب، ويضيف: “لم يكن يهمني عمرها وأنها تكبرني 10سنوات، كل مالفت نظري حسن تعاملها معي ومع غيري من الطلاب، كانت مدرستي ومع ذلك إنسانيتها لم تمنعها من الالتفات لي والتكلم معي والسؤال عني وعن احتياجاتي في مدينتي الجديدة، حين أتيت ألمانيا لم يكن يخطر في بالي أبداً أن أتزوج ألمانية لكن تجربة سابقة لي مع فتاة من بلدي جعلتني أقارن بين طيبتها وتعاملها وتخلي الأخرى عني لأني أتيت إلى ألمانيا حسب طلبها طبعا. لا أريد التعميم لكن تختلف النساء هنا بصراحتهن، وهذا ما يجعل التعامل معهن سهلاً، تحبك، تكرهك، ترغب بك زوجاً، كل هذا يقال وبسهولة، عرضت عليها الزواج فوافقت”، ويتابع: “صمتُ قليلاً مستدركاً طلبي، شرط زواجنا أن تعلني إسلامك ليوافق المأذون على كتابة عقد الزواج، وافقت وبدون تردد، كان هذا قبل زواجنا بأشهر، أنتقلت للعيش معها بعدها، كل من حولي قال أني طمعت بالجنسية والمنزل، زواجي لم يسجل في الدولة الألمانية وهذا يمنع حصولي على الجنسية. أنا سعيد معها، لا مشكلة لدي أبدا سوى أني أطبخ لأنها لا تعرف الطبخ العربي، وبدأت تحب طبخي، عانيت بداية أنا وهي من رفض أهلنا، لكن لاحقا أصبح الأمر عادياً وبدأ الجميع يرتاح لزواجنا”.
يضيف حامد: “لا أظن أني سأندم يوماً أو أنسلخ عن عاداتي، على العكس هي من بدأ يتعود على ما أحب، وبدأت تتعلم العربية أيضا كما تعلمت الألمانية أنا”.
الألمانيات يفضلن الرجال العرب ويغيرن ديانتهن من أجلهم
تقول كاترين وهي زوجة حامد: “أحببته ووافقت على الزواج منه رغم كل ما اعترضنا، أنا سعيدة به وبديني الجديد أيضاً، بدأ حامد بتغيير عاداتي وأنا مقتنعة لأني أحبه، ولأن ما رأيته منه كان جميلاً، الرجل الألماني يحترم المرأة بتركها تفعل ما تريد، وهذا قد يدفعها للخطأ، أما الرجل العربي المسلم حصرياً يحترمها باهتمامه بها وبكل تفاصيلها اليومية وهذا الفرق دفعني عن محبة لأقبل بحامد، لا أكره شيء في حامد سوى الحاحه وعصبيته ككل العرب في طلب الأشياء، فهو غير صبور، لا أشعر بتقيد حامد لحريتي شيئا خاطئاً، أنما أحب ما غيره بي من عادات لا يقبلها مجتمعه ودينه الذي هو ديني الآن. أما أن أنصح غيري من الألمانيات بالزواج من عربي فهذا أمر نسبي ربما لن يصادفن عربيا كحامد، فالأصابع ليست متشابهة في اليد الواحدة، يعنيني أن أنقل حالتي لهن وعليهن الاختيار، نظرة الجميع لي على أني تزوجت لاجئاً أو عربياً لم تعد تهمني مايهمني سعادتي الحالية باختياري وأتمنى أن تدوم”.
عرض marg-Mohammad.png
العربيات يتزوجن ألمانياً أيضاً
بعض الألمان خاصة والغرب بصورة عامة ينظرون للعرب على أنهم يقيدون المرأة وحريتها ويجبرونها على أشياء لاتحب، ترى من أين جاءت هذه النظرة وهل هي حقيقية!
تقول السيدة يانا الألمانية الأصل: “قابلت الكثير من العربيات وعبرن لي عن رغبتهن بالزواج من ألمان، فهن يزعمن أن الحرية الموجودة لديهم مريحة، وينظرن للشكل والاستقلال ويحلمن به، بينما أنا أفضل أن أتزوج رجلاً ألمانياً يحمل بعض صفات الرجل العربي أحب الطبع الشرقي لدى الرجل، أحب اهتمامه وغيرته، لديه صفات يحبذنها أغلب الغربيات”.
مها فتاة سورية مطلقة ولها ولدين، جاءت مع أخيها إلى ألمانيا، تزوجت من ألماني مسلم بعد أن أعجب بها وطلبها من أخيها، تقول: “الحرية التي يمنحني إياها زوجي جميلة وربما هي نفسها التي تسعى جميع النساء العربيات للحصول عليها مع أزواجهن، زوجي ألماني مسلم، يعتني بأطفالي وكأنهم أطفاله، أخلاقه التي أحب ليست لأنه مسلم فقط، كل من يعرفه يقول أنه رجل خلوق ونبيل وإنساني، لا يمكن أن أقارن تجربتي بالزواج من عربي مع تجربتي بالزواج منه، لكل عيوبه ولكل حسناته، المسألة لا يمكن أن تكون تعميماً، الرجال هنا غير معنيين بالمسؤولية عن نسائهم وعملها ضرورة، وهذا الاستقلال قد يبدو مريحاً من جهة وقد يبدو إهمالاً مشروعاً من جهة أخرى”. تضيف مها: “لم تتعود النساء العربيات على هذا وهذا الترف قد يتعب عاطفتهن أحياناً، لا يمكن أن أنصح أحداً ليس لأني لست بسعيدة، لكن اختلاف اللغة مشكلة مع أني وزوجي نتكلم الانكليزية مع بعض وهي أسهل لي من الألمانية، لكن هناك كلمات تحمل رسائل عاطفية سواء بالسلب أو الإيجاب لا يمكن للغة غير العربية واللغة أن توصل مشاعري من خلالها. وهذا صعب ومتعب أحياناً وأفكر كثيراً كيف سأرى أهلي بعد أن يعود الجميع إلى سوريا، وهل سيعود الجميع وأبقى وحيدة هنا!”.
لم تكن دانية ويارا من المحظوظات مثل مها، تزوجن أيضا برجال ألمان لكنهن انفصلن ولم يرغبن بالحديث عن تجاربهن، كل ماصرحن به أنهن لم يجدنها تجربة جيدة.
الأطفال ومصيرهم في الزواج الفاشل
راجح تجربته مختلفة جداً عن مها وحامد، يقول: “جئت ألمانيا وتعلمت اللغة وكان لي علاقات كثيرة، أحببت أن أنهيها بالزواج، ولم يكن أمامي خيار سوى الزواج بأحدى الألمانيات، كان هذا قديماً قبل موجة اللجوء التي شهدتها ألمانيا، تزوجتها وأنجبت لي طفلة، كان خيار ان يكون لي ولد متعب جداً، ليس لأني لا أحب الأطفال، بل لأن سوء علاقتي بزوجتي أدى لحرماني من طفلتي، القانون هنا مع المرأة في كل شيء، حتى لو كانت على خطأ، يتعبني أن لا أرى طفلتي إلا في أيام محددة، يتعبني أن لا تربى معي ومع أمها معا، لم يكن قرار الطلاق قراري، فهنا لا يحق لك أن تقرر، تعاني طفلتي من مشاكل مع أمها، ترغب في العيش معي لكن لا أستطيع، احاول أن أتزوج عربية، لكن سائني جداً ما صرت أسمعه من حالات تمرد للنساء هنا وصرت أخاف أن تتكرر مأساتي أيضاً، أفكر جدياً بالعودة إلى بلدي والزواج هناك، لكن قلبي مع طفلتي هنا”.
الانسلاخ عن المجتمع الأصل وعاداته قد يكون نتيجة هذا الزواج
اختلاف الثقافات والمفاهيم والعادات، وربما الأديان أمر قد يعيق مثل هكذا تجارب، فلا بد لأحد الزوجين أن ينسلخ عن مجتمعه ليتحقق التفاهم وإن لم يكن على أكمله، تقول سوسن: “الأخ الأكبر لزوجي جاء إلى ألمانيا منذ سنوات ودرس هنا وتزوج من ألمانية وأنجبت منه أطفالاً وهو سعيد جداً، لكن هناك من أصبح تعيساً بعد زواجه. أهله وأقاربه، انقطع تماماً عنهم، أصبح لا يتصل بهم إلا قليلاً، أولاده تربوا على عادات غربية، تتحسر أمه دائما وتقول: (آه يا ابني ياريتني ما بعتك ولا درست ولا تزوجت وانحرمت منك ومن ولادك) جئنا نحن أيضاً إلى ألمانيا وكنا نتأمل بقربنا منه أن تكون علاقتنا مع أسرته طبيعية ككل العلاقات بين الأخوة، ولكن خاب ظن زوجي وانكسر، وحتى أنه تمنى لو أننا لم نلحق به وغيرنا البلد التي لجأنا إليها، كنا بررنا لأنفسنا على الأقل بحجة المسافة”.
الحصول على الجنسية والاستقرار
سعيد شاب سوري في ألمانيا أيضاً، يتمنى أن يتزوج من غربية ليحصل على الجنسية، فحصوله على الإقامة المؤقتة جعل وضعه غير مستقر، وربما تنتهي إقامته هنا فجأة، فمن الصعب عليه العودة إلى سوريا، بدأ سعيد بالتعرف على فتاة تعرف عليها عبر مواقع الدردشة، يقول: “إن أعجبتني وتفاهما لم لا، الأمر لدي أصبح عادياً، عندما تقبل بي ألمانية أكون قد وجهت رسالة لكل فتاة لبنانية قالت (بترفض تضهر مع سوري) أننا مقبولون ومرغوبون وهناك من يتمنى الزواج منا وليس الظهور معنا فقط، لكن سيربكني جداً التفكير كل مرة قبل أن أكلمها أن أرتب الكلمات في رأسي لتصبح جملاً ثم أنطق ما أريد قوله، وهذا بحد ذاته سيكون عملاً إضافياً لي مع عملي”.
لا يمكن اعتبار الزواج من أجنبي أو أجنبية أمراً خاطئاً أو صحيحاً، ونسب الطلاق والوفاق لا علاقة لها بصحة أو خطأ الموضوع، فلا يوجد بحث علمي يثبت أن وفاقاً تاماً سيكون في حال كان الزوجين من بيئتين متوافقتين، وأيضا لم يثبت أن خلافاً تاماً وشقاقاً سيكون فيما لو كان الزوجين من بيئتين وثقافتين وجنسيتين مختلفتين. فالزواج في نهاية المطاف مسألة خاصة تعتمد على الزوجين الذين يختارون بعضهم ورؤيتهم لمدى التطابق والتفاهم الروحي الذي يمكن أن يؤدي لعلاقة زوجية ناجحة.
مفيدة عنكير – خاص الفيحاء نت