تعالت الأصوات والمطلب واحد .. “لا للعسكرة”، “عاش الريف ولا عاش من خانه”، كانت هذه الهتافات التي ملأت شوارع مدينة الحسيمة في المغرب، إثر وفاة الشهيد محسن فكري الذي سُحق داخل شاحنة النفايات، حينما حاول إنقاذ بضاعته التي صادرتها القوات الأمنية وعزمت على طحنها.
توالت الأيام، ليتحول هذا السخط إلى تجمهر كبير فاق كل التوقعات، أطلق عليه حراك الريف الذي انطلق في أكتوبر من سنة 2016, سطّر هذا التجمهر أيضا مطالب تنموية، اقتصادية واجتماعية تهدف إلى القضاء على التهميش، في خضم هذه الأحداث برز ناصر الزفزافي؛ قائد الحراك، ومؤسسه، شاب في التاسعة والثلاثين من عمره، ابن قرية ابني ورياغل، مسقط رأس أسد الريف محمد عبد الكريم الخطابي، هناك تعالت هتافات الحرية منذ زمن الاستعمار، ولا زالت المعركة طويلة، هناك في تلك الأرض التي مازالت رائحة البارود تشق أوردة التراب فيها .
هناك نشأ أيقونة الحراك الشعبي بالحسيمة، ناصر الزفزافي الشاب البسيط العفوي الذي كسب قلوب أبناء الريف، كيف لا وهو من يتحدث بصوتهم ويتألم لجرحهم، الشاب الذي تختلط فيه الاندفاعية والسذاجة في بعض الأحيان، ما جعله في صراع محتد مع معارضيه في الدولة ومن وصفهم بالدكاكين السياسية، أشعلت كلمات الزفزافي النارية في ساحات الاحتجاج غضب المعارضين له ومن اتهموه بزرع الفتنة ليعترضه سيل التهديد والوعيد الذي جعل حياته على المحك، قبل أن يصدر أمر باعتقاله في 29 ايار 2017 بتهمة إهانة خطيب ووصفه بالكاذب، حيث قال بعد ذلك : “يقولون لنا الفتنة .. وهناك شباب هجروا خارج البلاد ” .
وأضاف ” الفتنة هي مهرجانات الموسيقى، الفتنة هي الأجساد العارية التي تبثها قنوات التلفاز”، بقي الشاب ناصر خلف القضبان حيث حكمت هيئة الحكم المكلفة بالنظر في ملف ناصر ومعتقلين آخرين ب 20 سنة سجناً نافذا في يونيو 2018، موجهة إليه تهم تخص المس بأمن الدولة الداخلي والتآمر ضد النظام.
بعد الحكم على قائد الحراك توالت الاحتجاجات مطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، والاستجابة للمطالب الشعبية التي تخص تنمية المنطقة، بينما انهارت أسر المعتقلين وانهمرت دموع الأمهات على فلذات أكبادها، تقول أم ناصر ” تعالوا انظروا أين ينام ابني، وأخبروني أين أموال الخارج، فنحن لم نجد حتى أموال البلد” أما والد ناصر خرج مندداً بالحكم قائلا ” أبلغ رسالة لناصر الزفزافي ورفاقه، إن رفاقكم في الريف وفي المدن الأخرى وفي أوروبا معكم “.
بقلم : صليحة اضبيب