نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا؛ تحدث فيه عن مخيم الرقبان الصحراوي على الحدود السورية الأردنية، الذي يضم أكثر من 60 ألف لاجئ، والبعيد عن أنظار واهتمامات المنظمات الدولية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن العالم الخارجي لا يعرف الكثير عن مخيم الرقبان، الموجود في الصحراء الأردنية النائية، وهو المكان الذي أضطر فيه السوريون للتخييم بعد أن أغلق الأردن حدوده في وجههم.
كما تمنع القيود الأمنية والقانونية الجيش الأردني ووكالات الإغاثة من الدخول للمنطقة لأنها منطقة عازلة، في حين تظهر صور الأقمار الصناعية تمدد المخيم الذي يأوي 60 ألف لاجئ، لم يزرهم أي صحفي حتى الآن.
وقال التقرير إن ما وصل للعالم الخارجي عن المخيم هو مقطع فيديو نشره يونس سلامة، المنتسب لكتيبة “أسود الشرق” التابعة للجيش السوري الحر، يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن المخيم في تمدد ليصبح أكثر رسوخا في المنطقة مع مرور الأيام.
وذكر التقرير أنه منذ الأيام الأولى من الثورة السورية؛ توجه الآلاف من السوريين القادمين من محافظة درعا إلى الأردن، الواقعة على الحدود الغربية، كما بلغت أفواج اللاجئين ذروتها في صيف 2012، حيث كان يصل للمنطقة بضعة آلاف من اللاجئين في الليلة الواحدة.
وفي سنة 2013 قررت السلطات الأردنية المنهكة من هذا الوضع؛ غلق كل معابرها الحدودية مع سوريا أمام اللاجئين، باستثناء معبرين وهما: منطقة الرقبان القريبة من نقطة تلاقي ثلاث دول وهي العراق وسوريا والأردن، ومعبر حدلات.
وأشار التقرير إلى أن المنطقتين توجدان في مكان ناءٍ في وسط الصحراء، في مكان لا يسكنه إلا بدو الصحراء الغربية، وهو بلا أي منشآت ولا مياه ولا دفاعات طبيعية، فقط صحراء صخرية كثيرة الرياح، حارة في الصيف شديدة البرودة في الشتاء.
ورغم كل هذه الظروف القاسية في منطقة الرقبان، إلا أنها أصبحت في سنة 2014 أبرز محطة توقف للفارين من سوريا، كما ساهم التدخل الروسي في تشرين الأول/ أكتوبر في ارتفاع موجة النازحين.
وأضاف التقرير أن الوضع أصبح الآن أكثر تعقيدا، بعد أن حوصر النازحون في المنطقة بعد هربهم من مناطق سيطرة تنظيم الدولة في الشمال السوري.
ونقل الموقع عن مسؤول حكومي في الأردن قوله: “لماذا يهرب هؤلاء من الرقة؟ لا يحملون إجابات مقنعة. فقط هم اجتازوا أكثر من 600 كيلومتر في الصحراء ليصلوا إلينا”.
وفي شباط/ فبراير، قال الملك عبد الله إن أعضاء من تنظيم الدولة موجودون بين اللاجئين، وهو تصريح ساهم في جعل الشعب الأردني يفكر كثيرا قبل قبول هؤلاء اللاجئين بين مدنه وقراه. ولكن المنظمات الإنسانية نفت ذلك لعدم إمكانية الإثبات، خاصة وأن مخيم الرقبان يقع داخل الساتر الأردني.
وذكر الموقع، أنه وفق وثيقة داخلية لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن نصف اللاجئين الموجودين في الرقبان قد ذهبوا لموظفي الأمم المتحدة القريبين منهم للتسجيل كلاجئين.
وأضاف أن الكثير من اللاجئين السوريين قدموا الحدود الأردنية ليس طمعا في العبور إلى الأردن، ولكن لأن المناطق الحدودية لا يصلها القصف الجوي ما يجعلها أكثر أمنا من أي منطقة في سوريا.
وقال الموقع إن المساعدات الأممية تصل إلى اللاجئين المسجلين والموجودين في المواقع الآمنة، حيث يحصل الجميع على الماء والخبز. فالمنظمة الدولية للهجرة توفر 150 ألف قطعة خبز كل يوم، بينما توفر اليونيسيف أسطولا من صهاريج الماء.
ونقل الموقع عن الطفل إسماعيل، اللاجئ في مخيم الأزرق الذي يبعد 100 كيلومتر عن العاصمة عمان، والذي قدم مع أخيه الصغير وأمه من تدمر إلى مخيم الرقبان، ولم يطمحوا وقتها لدخول الأردن وكانت كل أمانيهم الحصول على بعض الماء والخبز، قوله: “لا يوجد في الصحراء ماء صالح للشرب، كما أن الطعام قليل”.
وأشار الموقع إلى أن الأوضاع في مخيم الرقبان قد ساءت، في الوقت الذي يشهد فيه المخيم ارتفاعا ملحوظا في عدد لاجئيه.
وشهدت المنطقة أعمال عنف قبلية، وذكر بعض القادمين إلى مخيم الأزرق من منطقة الرقبان؛ أن بعض القبائل سطت وسيطرت على مصادر الماء، كما انقطعت المساعدات بسبب أعمال العنف، وقتل على الأقل شخص واحد خلال مواجهات مع حرس الحدود الأردنيين.
وذكر التقرير أنه في نيسان/ أبريل الماضي دخلت مجموعة من الجيش إلى المخيمة، وهي كتيبة أسود الشرق المدعومة أمريكيا، وتتلقى السلاح والعتاد من غرفة عمليات “الموك” في الأردن، بما في ذلك سلاح “تاو” المضاد للدبابات.
وبحسب سلامة، فإن المجموعة تضم نحو 50 عنصرا، وتلقت تدريبا لمدة 20 يوما في الأردن على يد المخابرات الأمريكية “سي آي إيه”.
وقال الموقع إن الرقبان بلغت نقطة اللاعودة، فلا يمكن وقف نمو المخيم، كما أن الأردن عاجز عن وقف تدفق اللاجئين على المخيم، ما يجعل إمكانية جعله مكانا للاستقرار الدائم أمرا لا مفر منه.
وقال أحد العاملين في المنظمات الخيرية الإنسانية: “وجودنا في المخيم غير مسموح به من قبل البعض، ولكن وجودنا خارجه لن نرضى به أيضا”.