ينتشر الفساد في العالم مع تنامي حس الجشع والشهوة للمال وحب السلطة، فمظاهر الفساد متعددة من فساد الأسرة والمدرسة والعمل والشارع أيضا، وجميعها يعود لعدم الحس بالمسؤولية والمراقبة الاتية والضميرية؛ ففساد المجتمع ككل يأتي من فساد الفرد وسوء التربية.
إحدى اهم مظاهر الفساد هي الرشوة، لا ترتبط الرشوة بمكان أو زمان فهي ظاهرة تنتشر بين مختلف الثقافات والدول التي لها خلفيات مختلفة فانتشارها في الدول الغنية والفقيرة على السواء، وتؤثر بشكل كبير على اقتصاد البلاد. ففي تقرير نشر مؤخرا لصندوق النقد الدولي حول التأثير الاقتصادي للفساد في العالم ذكر الصندوق أن مظاهر الفساد من رشاوي واحتيال وغيرها من أساليب الغش المنتشرة في بلدان العالم ككل تحد من النمو الاقتصادي وتقوض السياسات الحكومية القومية.. فكثير من اقتصادات الدول وصلت للانهيار بسبب الفساد الإداري في المؤسسات.
فيما يذكر صندوق النقد أيضا أن الرشاوي تستهلك ما بين 1.5و2 ترليون دولار سنويا في العالم ككل، وهو ما يتسبب بإضعاف الاقتصاد وتدهور الخدمات الاجتماعية للفقراء.
وعلى الرغم من محاربة الحكومات لهذه الظاهرة والسعي للحد منها في جميع المؤسسات المختلفة إلا أنها في ازدياد مستمر فالفقر والبطالة هما الأسباب الرئيسة للفساد.
وانتشار الفقر الذي وصل إلى حدود مخيفة في البلدان النامية والبطالة التي لم تقتصر على البلدان النامية بل تعدتها إلى البلدان المتقدمة وخصوصا مع الانهيارات الاقتصادية التي تلت الأزمات المالية التي تعرض لها عدد كبير من البلدان مؤخرا هذا ما عزز انتشار الفساد عموما والرشوة خصوصا.
إن كلفة الرشاوي تزيد عن 2%من إجمالي الناتج المحلي العالمي ولأن الأموال ملوثة فإنها تخرج من الاقتصادات لتدفع كضرائب وهي لا تسهم في النمو.
فيما تملأ جيوب المستفيدين فقط. الفساد يتحكم بالسياسات العامة ويزيد من انعدام المساواة ويوسع التفاوت الطبقي فالأولوية لمن يستطيع أن يقدم أكبر نسبة فائدة، كما يبعد المستثمرين المحليين والخارجين، أولائك الذين لا يقبلون بالفساد وتخسر الدولة بذلك استثمارات كانت من الممكن أن تسهم بنو اقتصادي في مجال معين؛ فكثير من الاستثمارات الخارجية تمتلك رؤى جديدة في التطوير عدا عن أنها تمتلك قدرات مالية كبيرة.
إن ارتفاع معدلات الفساد يعني ضعف الخدمات الاجتماعية المقدمة للفقراء كالمشاريع الخدمية الصغيرة التي تهم المواطنين كالمرافق العامة مثلا من مدارس وحدائق ومنشآت عديدة لا تشبع جيوب المستفيدين، فميزانية الحكومات في الدول الأكثر فسادا تصبح مثقلة بالإنفاق على مشاريع كبيرة توفر فرصا أكبر للاحتيال كالمنتجعات والمجمعات السكنية والمصانع الضخمة وحتى لو كانت مخالفة للقوانين من حيث مكان إقامة تلك المنشآت أو حتى تأثير إقامتها على البيئة مثلا.
فيما تسعى المنظمات العالمية المهتمة بمكافحة الفساد بوضع برامج دعم للحكومات تضم مجموعة من التوصيات والإجراءات لمكافحة الفساد حتى تستطيع الحكومات من تطبيق سياسات مالية قوية وذلك من خلال وسائل عدة منها رفع رواتب الموظفين الحكوميين بنسب زيادات متساوية لتحقيق مبدأ المساواة وانشاء محاكم تعنى بمكافحة الفساد بكافة أشكاله ومعاقبة الأشخاص والشركات التي تمارس الفساد في دول أخرى وملاحقتهم قانونيا من خلال إنشاء مكاتب خارجية مختصة بهذا الأمر، أي جعل مبدأ القانون يسري على الجميع.
المركز الصحفي السوري- أسماء العبد