قال الأكاديمي والباحث السياسي السعودي خالد الدخيل: إيران توقعت أن تحرج السعودية من خلال التهديدات والضغط الإعلامي الذي أعقب إعدام نمر النمر، لكن الرياض قالت لإيران إذا أردتم المواجهة فليكن.
وإيران -التي قال الدخيل إنها مع الفاتيكان الدولتان الوحيدتان الدينيات في العالم- لم تنظر إلى إعدام 46 شخصا بل إلى الشخص الـ47 لا لشيء سوى أنه شيعي، بما يعكس مرتكز هذه الدولة الطائفية، وفق قوله.
وكانت العلاقات الإيرانية السعودية دخلت منعطفا جديدا تمثل في قطع الأخيرة علاقتها الدبلوماسية مع إيران بعد اعتداء المتظاهرين على مبنى السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد.
مواجهة مفتوحة
البعد الأعمق الذي كان ضمن ما ناقشه برنامج “في العمق” يوم الاثنين 4/1/2016 هو المواجهة المفتوحة المباشرة بين البلدين بعد احتقان كبير في السنوات الأخيرة، وطبيعة التحالفات التي تشكلها الدولتان الكبيرتان في الإقليم.
الدخيل يلاحظ أن ثمة وهما بشأن قوة إيران، ويرى أنها تبحث عن دور أكبر من قدرتها العسكرية والاقتصادية، بيد أن نقطة القوة -إن توافرت لها- فهي في رأيه ليست من ذات إيران بل من التراجع والضعف العربي.
في هذا الإطار، توجه الدخيل إلى الدول الخليجية التي لم تتخذ موقفا واضحا بالقول إنه “خطأ ليس في صالحها” ويؤدي إلى أن “تتجرأ إيران أكثر، وأن سياستها العدوانية يمكن أن تؤتي ثمارها”.
وأضاف أن دولا خليجية “سكتت وجاملت” في غير مكان إلى أن وصل الحال إلى ما هو عليه الآن، لافتا إلى أن المأزق في عدم انسجام مواقفها.
توجس خليجي
بل ذهب الدخيل إلى أن ثمة توجسا بسبب حجم السعودية واقتصادها ووزنها الديمغرافي، مؤكدا أن هذا في غير محله.
ورحب بخوض بلاده مواجهة مع إيران بعد أن كانت تخوض مواجهات سابقة تحت الغطاء الغربي، معتبرا أن الوقت حان لكي تواجه بلاده مشاكلها وتقيم تحالفاتها مباشرة وبوضوح.
إيران، بما هي نظام رسمي سياسي بعد 1979 (العام الذي انتصرت فيه الثورة على نظام الشاه) “تتصرف مع العالم العربي بوصفه عدوا”، وهي بهذا المعنى “ولغت في الدم العربي” عبر المليشيات الطائفية “التي لم نعرفها قبل 1979″، وفق قوله.
وبين الدخيل الفارق بين الدول العربية وإيران، حيث في الأولى أغلبية ساحقة من السنة لا توجد دولة واحدة -بما فيها السعودية- تعرف نفسها بمذهبها، أما إيران ففي المادة الـ12 من دستورها هي دول شيعية على المذهب الإثني عشري.
دولة طائفية
وعليه، يخلص إلى أن دولة بهذه المواصفات هي من أطلقت المليشيات بدءا من منظمة بدر حتى حزب الله وأقامت تحالفاتها على أساس طائفي. تساءل الدخيل: لماذا تحرم إيران المليشيات داخلها وتطلقها فقط في الدول العربية؟
في المقابل، قدم الباحث في القضايا الإقليمية من طهران حسن أحمديان مداخلة قال فيها إن السعودية تبحث عن إطار لتأزيم العلاقة مع إيران، وإن بلاده ردت على خيار السعودية الإستراتيجي الذي يريد ضرب دور إيران الإقليمي وحلفائها.
ورد الدخيل بأن لا أحد يعترض على دور طهران الإقليمي، لكن مقارنة بتركيا الدولة الإقليمية أيضا يتضح الفارق بين دولة تلعب من خلال الشراكات مع دول نظيرة، وبين أخرى تستخدم المليشيات.
الجزيرة