عمر الدمشقي كما عرفناه، (24 سنة) مهجر من ريف دمشق إلى الشمال السوري، لم يضع التهجير نهاية لأحلامه وأعماله الثورية، بل على العكس كرَّس الدمشقي حياته الشخصية فورية وصوله لإدلب، في تأمين الخبز بشكل يومي إلى المخيمات القريبة من منطقة سكنه، استطاع بأخلاقه الطيبة زرع الأمل في نفوس أصدقائه الواقعين والافتراضيين، في صباح السابع عشر من شهر حزيران، شهدت مدينة سرمدا انفجار عبوة ناسفة في إحدى السيارات، ليكن التفجير في سيارة عمر أثناء استعداده لممارسة نشاطه اليومي بتوزيع الخبز، سرعان ماتم نقله إلى الجانب التركي لخطورة إصابته، ليدخل في حالة عدم الاستجاب لأي شيء لأكثر من أربعة أيام
في23من حزيران، “الدكاترة عم يقولوا عمر تجاوز مرحلة الخطر وتحرك”، في ذات الوقت أعلنت هيئة تحرير الشام المسؤولة عن المنطقة أنها قامت بالقبض على المجموعة المتورطة بالتفجير..
لم ندرك قط أن استيقاظه كان للمرة الآخيرة، وصلت جثة الشهيد في اليوم التالي لصعوبة الإجراءات الحدودية، ليتم استقباله من قبل رفاقه في معبر باب الهوى، والقيام بدفنه في مدينة الدانا
استشهد عمر لكنه رسم لنا استمرارية النضال، حيث أقاموا المقربين منه على العمل ببناء مدرسة لأطفال المخيمات تحمل اسمه ..
علي زلفو، (35 سنة)أب لطفلان، هو أيضا نال نصيبه من عملية التهجير التي أجريت لقرى وادي بردى في الريف الدمشقي أوائل 2017، علي شرطي منشق من بداية الثورة السورية، ظهر في النشاط الإغاثي والإنساني، قدم ما تمكن عليه في ظل الحصار الذي تعرض له وادي بردى؛ للعائلات النازحة من حمص وبلدات الغوطة المجاورة، وكحال غيره من الثائرين لم يتكاسل عن عمله في الشمال السوري، تولى شؤون المهجرين في مكتب ريف دمشق الإغاثي، في 18شباط تعرضت مدينة إدلب لانفجار ضخم، استجابت الفرق الطبية ومنظمة الدفاع المدني وكل من سمع الصوت لإنقاذ المصابين، أهتزت إدلب مجددا بتفجير ثنائي في نفس المكان، ارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى، أختطلت دماء المصابين مع المنقذين..
علي كان من ضمن شهداء التفجير الثاني، حيث سارع لموقع الحدث القريب من مكتب الإغاثة، كان بانتظار مولوده الجديد إلا أن عصابات الإجرام حرمت الأب من ابنه، حضن تراب المنفى جسده الطاهر، وزرع في طريق أخوته المهجرين معنى الوفاء للقضية.
ما ذكر لم يكن شيء أمام تضحيات الكثيرين والكثير من المنظمات الثورية، قدمت عشرات الشهداء تختلف الضحايا والجلاد واحد
بقلم : هدى نصرالله