كان الغياب مضني والحزن رفيق دربها، الوجع يدفع كل الأيام، المحطات الصعبة كبيرة، ذكريات حسرة وألم تلوح في ذاكرتها على فقدان زوجها وركن بيتها أحمد الشاب الثلاثيني المنشق عن جيش النظام برتبة ملازم أول.
اعتادت سارة الشابة العشرينية غياب أحمد الدائم عن المنزل في بلدتها الهبيط في الريف الجنوبي ل إدلب، ولم تكن تعرف أنها ستخسره إلى الأبد، وأن الحياة تدعوها إلى نضال لا ينتهي في مهب الرياح والمخاطر، لتحمي عائلتها التي أسستها مع حبيب عمرها أحمد ذو القامة الطويلة والشعر الأسود.
تقول سارة والدموع تنسكب من عينيها العسليتين شلالات “الحياة مو حلوة بعد أحمد” ، تشعر بالغصة تخنقها حين تستعيد ذكرياتها مع رفيق دربها وشريك حياتها في حديثهما عن أحلامهما وحياتهما المستقبلية، ولكن سرعان ما تبددت الأحلام وتلاشت لحظات الفرح وحال الموت دون ذلك كله.
ألم الحنين يكوي قلب سارة بعد فراق والد طفلتها التي لم ترَ النور بعد ، تدخل سارة في صمت عميق ثم تجهش بالبكاء وهي تمعن النظر في قلادة كان قد أهداها إياها أحمد في عيد زواجهما الأول فتقول ” قلي مارح يتأخر وراجع المسا بس راح و مارجع ” خبر استشهاد أحمد في شهر تموز عام 2013 بعد إصاباته الحرجة في جسمه ودخوله في غيبوبة تامة، نزل كصاعق كهربائي حول سارة إلى لوح من الثلج وكتلة من البؤس، بعد زواج حمل كل ترنيمات الأمل ولحظات السعادة.
معاناة متنوعة عانتها سارة خلال الحرب، ولاسيما كونها زوجة شهيد فالظروف أجبرتها لتأدية الدور المزدوج لطفلتها، تحاول التصالح مع الغياب المضني والحسرة التي تقبع في كيانها، ومع فترات النزوح والقصف التي لاحقتها.
ولكن لا بد للحياة أن تستمرّ على الرغم من ألم الخسارة .
بعد فترة كانت لسارة انطلاقة جديدة في الحياة حيث تزوّجت شقيق زوجها، فكان خير حاضن لفتاتها الجميلة ،التي منحتها الحياة فرصة أخرى ليكون لها أباً كسائر الأطفال، وسط دفء أسري يعوضها عن حرمان والدها التي استشهد وهي جنين في أحشاء والدتها.
خيرية حلاق/ قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع