يوماً بعد يوم، ومنذ سنوات متواصلة، تتصاعد حدة الجرائم الطائفية التي ترتبكها مليشيات “شيعية” ترفع شعارات دينية، وتحمل رايات الحسين وأهل البيت، وهي جرائم باتت عابرة للحدود بين العراق وسوريا مروراً بلبنان واليمن، وسط صمت مطبق من الحوزات والعلماء الشيعة.
ففي العراق وسوريا تحديداً، يتعرض المسلمون السنة لجرائم خطف وقتل وإبادة جماعية على أسس طائفية، بحجة نصرة أهل البيت وحماية أضرحتهم، تحت شعارات طائفية، كشعار: “لن تسبى زينب مرتين”، الذي أطلقه حزب الله اللبناني لتبرير تدخله في سوريا، وتتم تلك الجرائم بحقهم بنسق طائفي انتقامي، وعلى ما يبدو بمباركة أنظمة البلدين.
فالسنة في كلا البلدين باتوا محاطين بالمهلكات من كل جانب؛ فبين سجون السلطة الممتلئة بمئات منهم، والمحاكم التي تطلق الأحكام الجزافية بحق العشرات منهم، أو أن يقعوا ضحايا قتل واختطاف وتعذيب، يقف العلماء الشيعة موقف المتفرج، ما جعلهم في دائرة الاتهام بالتواطئ.
المفكر والكاتب الفلسطيني حسام شاكر، وجه رسالة مفتوحة إلى المرجعيات وعلماء الحوزات العلمية الشيعية، تعقيباً على أعمال القتل والانتهاكات، التي ترتكبها مليشيات ومجموعات تعلن ولاءها للمرجعيات الشيعية، وتبرر ما تفعله بنصرة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وتحت عنوان “برقية إلى الحوزة”، كتب شاكر في رسالته التي نشرها على حسابه في “تويتر”: “على المرجعيات الشيعية أن تعلن موقفاً واضحاً من فظائع تجري باسمها أو تحت عباءتها، إما أن تواصل توفير الغطاء لما يجري أو تنزعه”.
وأضاف: “يغيب الإنسان وضميره وعقله وأخلاقه في حضرة التوحش، وتستمر حفلات التنكيل بالبشر في نهار رمضان، وإلصاقها زيفاً بأهل البيت الكرام”.
وخاطب المفكر المرجعيات وعلماء الحوزات قائلاً: “تجري حفلات تنكيل بالبشر تحت رايات أهل البيت الكرام في نهار رمضان، فما موقفكم الشرعي والأخلاقي؟”، “عناصر بعض المليشيات يقترفون التنكيل والتوحش تحت رايات شيعية، فهل يروق هذا للمرجعيات وعلماء الحوزات؟ وأين الإنكار العلني والاعتراضات المسموعة؟”.
وحذّر المفكر من أنّ “امتناع المرجعيات عن إدانة فظائع يتم اقترافها باسم التدين الشيعي والتنديد بها وتجريمها، يحملها مسؤولية شرعية وتاريخية وأخلاقية عنها”.
وتابع في رسائله مستغرباً: “كيف نفهم امتناع المرجعيات الشيعية عن الإدانة الصارمة لفظائع مصوّرة، يتم اقترافها يومياً تحت رايات تتمسح بأهل البيت الكرام؟”.
ويشهد العالم الإسلامي في السنوات الخمس الأخيرة موجة تصعيد طائفي بين الشيعة والسنة، تتعالى فيها أصوات الكراهية ولغة الأحقاد، تشمل تحريضاً على ارتكاب انتهاكات واسعة في عدد من البلدان، لا سيما العراق وسوريا، المتهم بإشعال هذه الموجة وتغذيتها هي إيران.
ويرى مراقبون أن التوتر الطائفي الذي تعيشه المنطقة ظاهرة خطيرة ينطوي عليها دمار ومعاناة للجميع، وخطر تفكك المجتمعات والدول، لتصبح غير قادرة على التعايش بسبب تلك الجرائم.
وذكرت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، سيسيل بويي، في تقرير لها في ديسمبر/كانون الأول من الماضي، أن المجتمعات العربية السنية في سوريا والعراق واجهت قدراً كبيراً من العنصرية والتمييز والمضايقة والعنف، فضلاً عن محدودية فرص وصول العرب السنة إلى الخدمات والسلع الأساسية، مثل المياه والغذاء والمأوى والرعاية الطبية.